الألفاظ هو الألف، الذي أول الحروف من حيث أولية خفائه من أوائل أسماء الله سبحانه وغيرها كالبسملة لفظا وظهوره كتبا إلا في البسملة، حيث ابدل إظهاره بتطويل الباء لما ذكروه في موضعه، ونسبة الكتابة إلى اللفظ نسبة الجسد إلى الروح، فهو خفي روحا وظاهر قشرا، ومن حيث استقامته التي هي الأصل في أشكال الحروف، ككون " الصراط المستقيم " هو صفة فعل الحق * (إن ربي على صراط مستقيم) *، ومن حيث اشتقاق سائر الحروف منه كتبا، فهو كالركن من الدائرة، كتوسط الصراط المستقيم بين السبل * (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل) * (1) ولأن مخرجه أقرب إلى القلب الذي هو المبدأ الأول في عالم الإنسان، فهو أول الحروف مخرجا، وأبعدها ظهورا، وأكثرها امتدادا، لجريانه من قريب السرة إلى الفم، فهو يمر على وسط المخارج كالصراط المستقيم إلى غير ذلك، فهو الآلاء بمعنى النعم الباطنية الخفية.
والأول على أقسام ثلاثة: إما يكون ظاهرا بالمرآتية المحضة للحق، بحيث يكون فاني الهوية في جنب الحق والاسم المكنون المخزون عنده سبحانه، وإما يكون ظاهرا بنفسه وهويته أيضا، وإما يكون ظاهرا بنفسه في مظاهره، ومظهرا لها:
والأول: مرآة ظهر بالمرآتية، وخفي بنفسه كالمرآة الصافية التي لا تظهر بصفات نفسها للأبصار، وإنما شأنه إظهار الشئ.