لأنه - مضافا إلى مناسبة كرامة الاسم الشريف بعدم تقديم شئ عليه - يناسب المتعارف من الاستعمال، فإن المسافر إذا حل وارتحل فقال: " بسم الله " كان المعنى: بسم الله أحل وأرتحل، وكذا الذابح وكل فاعل يبدأ في فعله " بسم الله "، كان مضمرا ما جعل التسمية مبدأ له، وإنما قدر المحذوف متأخرا لأن الأهم من الفعل والمتعلق به هو المتعلق به، وكانوا يبدؤون بأسماء آلهتهم، فيقولون: " باسم اللات والعزى "، فوجب أن يقصد الموحد معنى اختصاص اسم الله عز وجل بالابتداء والتقديم وتأخير الفعل.
وربما يؤيد حسن تقديم المحذوف قوله تعالى: * (إقرأ باسم ربك) * (1)، (2).
ولك دعوى: أن هذه الكلمة الشريفة، خارجة عن قانون لزوم الحاجة إلى المتعلق، بل سيقت للتبرك بها في ابتداء الأفعال والأقوال ولحسن الطالع ولجلب نظر الملائكة المقدسين إلى العمل الذي ابتدئ به وتكلم به، فيكون المحذوف - في الحقيقة - الفعل أو مادة من المواد الاشتقاقية مع حرف الصلة، سواء كان الباء أو غيره من سائر الحروف، فيقول مثلا مع * (بسم الله الرحمن الرحيم) *: أفعل وأصنع كذا، فتكون الباء منسلخة عن المعنى الأصلي.
وبعبارة أخرى: الابتداء بهذه الكلمة الشريفة كالابتداء بكلمة " الله " من غير إدخال شئ عليه، فهو سيق لمجرد التذكر والتيمن والتبرك الذي