تصحيح قولهم: " أستعين ببسم الله " على أن تكون الباء للاستعانة، بل الباء إذا كان المقدر مادة الاستعانة لمعنى آخر من الصلة والإلصاق، وهكذا إذا قيل: " ابتدأت ببسم الله ".
وأيضا إن مقصود المفسرين من تعلق " بسم الله " بمادة من المواد - سواء كانت القراءة أو الاستعانة - ليس أن المقروء والمستعان به هي الكلمة المبتدأ بها والجملة الناقصة التصورية، بل هي مقدمة لما هو المقروء الحقيقي المقصود بالأصالة في القراءة، وهي جملة: * (الحمد لله رب العالمين) *، فما ترى في بعض التفاسير الحديثة، من الغلط الواضح.
وما قيل: إن المحذوف يتعين في مادة الابتداء، لامتناع الاستعانة في حقه تعالى، في نهاية السقوط، للزوم استعانته بالمخلوق في قوله تعالى: * (إياك نعبد وإياك نستعين) *، بل يلزم عبادته للمخلوق في الجملة الأولى، لأنهما جملتان من القرآن، والقرآن نازل من الله تعالى، فما هو الجواب هنا، هو الجواب هناك، فإنه تعالى لا ينشئ في هذه الحوادث والكلمات المعاني التي ينشئها الآخرون حين قراءة الكتاب.
وهنا قول سابع وهو: كون الباء للقسم من الرب والمربوب (1)، وبه يجمع بين المتشتتات، فهو قسم من ربنا أنزله عند رأس كل سورة يقسم لعباده: إن هذا الذي وصفت لكم يا عبادي في هذه السورة حق، وإني أفي لكم بجميع ما ضمنت في هذه السورة من وعدي ولطفي وبري. وأيضا يكون قسما من العبد على صدق لهجته، وتوافق الجملة اللفظية مع الذهنية،