مشرق الشمسين - البهائي العاملي - الصفحة ٢٨٩
صب الماء عليها وقيل إلى الكعبين فجئ بالغاية لإماطة ظن ظان يحسبها ممسوحة لأن المسح لم تضرب له غاية في الشريعة انتهى فلا يخفى ما فيه من التعسف الشديد والتمحل البعيد ومن ذا الذي قال بوجوب الإقتصاد في غسل الرجلين وأي إسراف يحصل بصب الماء عليها ومتى ينتقل المخاطبون بعد عطفها على الرؤس الممسوحة وجعلها معمولة لفعل المسح إلى أن المراد غسلها غسلا يسيرا مشابها للمسح وهل هذا إلا مثل أن يقول شخص أكرمت زيد أو عمر أو أهنت خالدا وبكرا فهل يفهم أهل اللسان من كلامه هذا إلا أنه أكرم الأولين وأهان الآخرين ولو قال لهم أني لم أقصد من عطف بكر على خالد أنني أهنته وإنما قصدت أنني أكرمته إكراما حقيرا قريبا من الإهانة لأكثروا ملامه وزيفوا كلامه وحكموا بأنه خارج عن أسلوب كلام الفصحاء ألا ترى إلى حكم علماء المعاني بأن قول العباس الأحنف سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا وتسكب عيناي الدموع لتجمدا خارج من قانون الفصاحة لبعد انتقال السامع من جمود العين إلى ما قصده من الفرح والسرور ولا أظنك ترتاب في أن الانتقال إلى المعنى الذي تمحله صاحب الكشاف أبعد من الانتقال إلى المعنى الذي قصده العباس وأما جعله التحديد بالكعبين قرينة على أن الأرجل مغسولة واستناده في ذلك إلى أن المسح لم تضرب له غاية في الشريعة فعجيب لأنه إن أراد أن مطلق المسح لم تضرب له غاية في الشريعة ولم ترد به الآية الكريمة فهو عين المتنازع بين فرق الإسلام وإن أراد أن مسح الرأس لم تضرب له غاية فأين القرينة حينئذ على أن الأرجل مغسولة وأعجب من ذلك أنه لشدة اضطرابه في تطبيق قراءة الجر على مدعاة قد ناقض نفسه في كلامين ليس بينهما إلا أسطر قلائل ألا ترى إلى أنه قال عند قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم فإن قلت هل يجوز أن يكون الأمر شاملا للمحدثين وغيرهم لهؤلاء على وجه الوجوب و لهؤلاء على وجه الندب قلت لا لأن تناول الكلمة لمعنيين مختلفين من باب الألغاز والتعمية ثم إنه حمل قوله تعالى وامسحوا برؤوسكم على ما هو أشد ألغازا وأكثر تعمية من كثير من الألغاز والمعميات وجاز تناول الكلمة لمعنيين مختلفين إذ المسح من حيث وروده على الرؤس يراد به المسح الحقيق ومن حيث وروده على الأرجل يراد به الغسل القريب من المسح فحقيق أن يقال أيها الحاذق اللبيب كيف احترزت عن إجراء كلام الله تعالى مجرى اللغز والمعمى حين أمر سبحانه بغسل الوجه واليدين ولم تحترز عن ذلك حين أمر جل شأنه بمسح الرأس والرجلين ولم جوزت في آخر كلامك ما منعت منه في أوله وهل لاحظت في ذلك نكتة لطيفة أو دقة معنوية أو هو تحكم محض وتعسف صرف لينطبق به قراءة الجر على وفق مرادك وطبق اعتقادك درس قد عرفت ما تمحله الغاسلون في تفسير الآية الكريمة وما حملوها عليه من المحامل البعيدة السقيمة فلنذكر الآن بقية كلامهم في إتمام مرامهم فنقول واحتجوا على الغسل بعد ما زعموا دلالة الآية عليه بما رواه البخاري في صحيحة عن عبد الله بن عمر قال تخلف عنا النبي صلى الله عليه وآله في سفر فأدركنا وقد أرهقنا العصر فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته ويل للأعقاب من النار وبما رواه صاحب المصابيح عن أبي حية قال رأيت علي بن أبي طالب عليه السلام توضأ فغسل كفيه حتى أنقاهما ثم مضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ومسح برأسه مرة ثم غسل قدميه إلى الكعبين ثم قام فأخذ فضل طهوره فشربه وهو قائم ثم قال أردت أن أريكم كيف كان طهور رسول الله صلى الله عليه وآله وبما رواه عن ابن عباس أنه حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وختم بغسل رجليه وبما رواه عن عايشة أنها قالت لأن تقطعا أحب إلى من أن أمسح على القدمين بغير خفين و بما رواه عن عمر بن الخطاب أنه رأى رجلا يتوضأ فترك باطن قدميه فأمره أن يعيد الوضوء وأجاب أصحابنا بأن ما رويتموه عن النبي صلى الله عليه وآله وعن أمير المؤمنين سلام الله عليه معارض بما تواتر عن أئمة أهل البيت
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الخطبة 268
2 في المقدمة. 268
3 في تعريف علم الحديث. 268
4 في تثليث أنواع الخبر المعتبر. 269
5 في شرائط قبول الخبر. 270
6 في كلام العلامة. 271
7 في الاكتفاء بالعدل الواحد في تزكية الراوي 271
8 في الاعتبار بوقت الأداء لا وقت تحمل الخبر. 272
9 في تحقيق محمد بن إسماعيل. 274
10 في أسماء الرجال المشتركة 275
11 في مسلك المصنف. 278
12 في علامة الكتب الأربعة. 279
13 في ترتيب الكتاب. 279
14 في معنى الآية الكريمة. 280
15 في معنى المرفق 281
16 في حكم الكعبين. 282
17 في الترتيب 283
18 في مسح الرجلين. 286
19 في كيفية الوضوء. 292
20 في مس المصحف. 298
21 في المسح على الخفين. 301
22 في كلام الشهيد في الذكرى. 303
23 في ما ظن أنه ناقص. 304
24 في آداب الخلوة. 306
25 في موجبات الجنابة 308
26 في موجبات الوضوء. 311
27 في كيفية الغسل الجنابة. 313
28 في الحيض. 316
29 في قوله تعالى من حيث امركم الله. 317
30 في أحكام الحائض. 321
31 في الاستحاضة 325
32 في النفاس 326
33 في غسل الأموات. 327
34 في آداب التشييع. 332
35 في ما دل على التيمم. 336
36 في كيفية التيمم. 343
37 في وجدان الماء للتيمم. 345
38 في احكام المياه. 346
39 في الجواب عن أبي حنيفة 347
40 في ماء الحمام والمطر والمتغير 350
41 في حكم ماء الأسئار. 353
42 في شرح حديث علي بن جعفر عليه السلام. 354
43 في احكام النجاسات. 355
44 في الدم والمني 357
45 في قوله تعالى (ولا تقربوا المسجد الحرام) 358
46 في وجه تسمية الخمر والميسر. 362
47 في كيفية تطهير الأرض والشمس للأشياء. 367
48 في فائدة تخوية. 369
49 في معنى لفظ (اجل) 371
50 بسم الله الرحمن الرحيم فهرس شرح رسالة الكر للعلامة المحقق الأستاذ المجدد البهبهاني رضوان الله عليه في الخطبة 374
51 في المقدمة 374
52 في تعريف الكر 375
53 في معنى مساحة الجسم 375
54 في التحديد بالوزن 376
55 في تحديد الكر بحسب المساحة 376
56 في الصور المتصورة في الكر 377
57 في الاشكال الهندسية في طريق ضربها 379
58 في مساحة الحوض المستدير 380
59 رسالة الكر للمحقق البهبهاني رحمه الله في عدم انفعال الكثير 382
60 في تحديد الكر بحسب المساحة 383
61 في ثلاثة أشبار وتثليثها 383
62 في الرطل العراقي 384
63 في كلام ابن الجنيد 384
64 في بيان التفاضل بين التحديدين 385
65 رسالة العروة الوثقى في الخطبة 386
66 في المقدمة 387
67 في تفسير الفاتحة 387
68 في أن الضحى والم نشرح سورتان 388
69 في وجه تسمية الحمد بالفاتحة 389
70 في بيان معنى أم الكتاب 389
71 في معنى سبع المثاني 390
72 في جزئية البسملة 391
73 في معنى الاسم لغة 393
74 في تفسير لفظ الجلالة 394
75 في معنى الرحمة 396
76 في تقديم الرحمن على الرحيم 397
77 في معنى الرب 399
78 في معنى العالم 399
79 في تفسير مالك يوم الدين 400
80 في معنى العبادة والاستعانة 402
81 في معنى الهداية 406
82 في معنى الصراط 407
83 في معنى الانعام 408