عنها الألف واللام ومن ثم لم يسقطا حال النداء ولا وصلت تحاشيا عن العوض أو جزئه وخص القطع به لتمحضها حينئذ في العوضية تحرزا عن اجتماع أداتي التعريف وقيل بل حذفها مقيس على تخفيفها فالتعويض من خواص الاسم المقدس وهو في الأصل اسم جنس يقع على كل معبود ثم غلب على المعبود بالحق وأما لفظ الجلالة المقدسة فلم يطلق إلا على المعبود بالحق تعالى وتقدس ثم اختلف في اشتقاق الإله فقيل من إله كعبد وزنا ومعنى آلهة كعبادة وألوهة وألوهية بالضم وهو بمعنى المألوه كالكتاب بمعنى المكتوب وقيل من إله بالكسر بمعنى تحير لتحير العقول فيه وقيل بمعنى سكن لأن الأرواح تسكن إليه والقلوب تطمئن بذكره وقيل بمعنى فزع من أمر ترك عليه ومنه الهه غيره إذا أزال فزعه وأجاره لأن العابد يفزع إليه وهو يحيره في الواقع أو في زعمه الباطل وقيل بمعنى أولع إذ العباد مولعون بذكره والتضرع إليه وقيل من وله بالكسر إذا تحير وتحبط عقله وكان أصله ولاه فقلبت الواو همزة لنقل كسرتها وقيل أصل لفظ الجلالة لاه مصدر لاها ولها إذا احتجت وارتفع لأنه سبحانه محتجب عن إدراك الأبصار والبصاير ومرتفع عن كل شئ وعما لا يليق بعز شأنه وسمو سلطانه وقيل هو علم للذات المقدسة واستدل عليه بوجوه منها أنه يوصف ولاه يوصف به ومن ثم جعلوه في قوله تعالى " إلى صراط العزيز الحميد " الله عطف بيان لا نعتا ويرد عليه أنه لا يستلزم العلمية ولا ينفي كونه اسم جنس وأيضا فالصفات الغالبة تعامل معاملة الأعلام في كثير من الأحكام ومنها أن العرب لم يترك شيئا من الأشياء التي يحتاج في المحاورات إلى التعبير عنها إلا وضعت له اسما فكيف يترك موجد الأشياء وخالقها من دون اسم ويرد عليه ما ورد أولا على الأول ومنها أنه سبحانه يوصف بصفات خاصة به جل شأنه فلا بد له من اسم مختص به تجري عليه تلك الصفات إذ الموصوف أخص أو مساو ويرد عليه ما ورد ثانيا على الأول ومنها أنه لو كان وصفا كما يقال من أنه موضوع لمفهوم واجب الوجود المنحصر في فرد لم يكن قوله لا إله إلا الله مفيدا للتوحيد مثل لا إله إلا الرحمن إذ قد يكون حينئذ مفيدا لانحصار الإله في هذا المفهوم الكلي ويمكن أن يكون قائله معتقدا أن لذلك المفهوم أفرادا كثيرة وربما يعارض بأنه لو كان علما لفرد معين من مفهوم واجب الوجود لم يكن قل هو الله أحد مفيدا للتوحيد بجواز أن يكون ذلك المفهوم فردان أو أكثر في نفس الأمر ويكون لفظ الجلالة علما لأحدهما مع أنهم جعلوا السورة من الدلايل السمعية للتوحيد ويمكن أن أول هذه السورة إنما هو دليل سمعي على الأحدية التي هي عدم قبول القسمة بأنحائها وأما الواحدية بمعنى نفي الشريك فإنما يستفاد من آخرها أعني قوله جل وعلا " ولم يكن له كفوا أحد " وبالنظر إلى ذلك سميت سورة التوحيد فصل وذهب جماعة إلى أن لفظ الجلالة في الأصل وصف لكن لما لم يطلق على غيره جل شأنه أصلا لا في الجاهلية ولا في الإسلام وصار له تعالى كالعلم أجرى مجراه وليس في الحقيقة علما واستدلوا على بطلان القول بالعلمية بوجوه منها أن معنى الاشتقاق هو كون أحد اللفظين مشاركا للآخر في المعنى والتركيب هذا حاصل بينه وبين الأصول المذكورة قبيل هذا ومنها أنه لو كان علما أفاد
(٣٩٥)