أنه وما روي أنه صلى الله عليه وآله قال فاتحة الكتاب سبع آيات أولاهن بسم الله الرحمن الرحيم ولاختلاف ظاهر هذين الحديثين اختلف في أنها آية برأسها أم مع ما بعدها وأما الجمع بينهما بأن الثاني من قبيل قولنا أول البروج الدرجة الأولى من الحمل وأول آيات الفاتحة حرف الباء فهو كما ترى وبعضهم روى حديث أم سلمة رضي الله عنها بوجه لا يخالف هذا الحديث هكذا قال قرء برسول الله صلى الله عليه وآله الفاتحة فعد بسم الله الرحمن الرحيم آية الحمد لله رب العالمين آية الرحمن الرحيم آية مالك يوم الدين آية إياك نعبد وإياك نستعين آية اهدنا الصراط المستقيم آية صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آية ولنا أيضا ما رواه أصحابنا في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عن السبع المثاني و القرآن العظيم هي الفاتحة قال نعم قلت بسم الله الرحمن الرحيم من السبع قال نعم هي أفضلهن وما رووه أيضا في الصحيح من أن يحيى بن عمران الهمداني كتب إلى أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام يسئله عن مصلي قرء البسملة في الفاتحة فلما صار إلى السورة ترك البسملة فكتب عليه السلام بخطه يعيدها وأما الاستدلال على هذا المذهب بالرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال حين ترك الناس البسملة في أوائل السور من تركها فقد ترك مأة وأربع عشر آية من كتاب الله ففيه ما فيه لأنها إنما يدل على بطلان القول الثاني والثالث والرابع لا على الأول لإنطباقها على الخامس على أن في متنها خللا يبعد صدور مثله عن مثله لخلوه برأته عن التسمية فالصواب ثلاث عشر آية وإصلاحه بأنه يرى تصديرها بها أو نزول الفاتحة مرتين أو أنه الحق المعدوم بالمتروك تغليبا وتوبيخا أو أن غرضه تركها مطلقا حتى من النمل وجعل المتروك منها آية إما تجوزا أو لاستلزام ترك البعض ترك الكل تعسف إذ لو كان رأيه ذلك لنقل كما نقل سائر آرائه في أمثال ذلك والتغليب يسقط الاستدلال لاحتماله في أكثر من واحد وجعل ما لا شنعة فيه جزء من التشنيع شنيع والكلام إنما هو في أوائل السور فإقحام غيرها مع أنها لم يترك فيه لغو لا يليق بمثله وأما الاستدلال بالإجماع على أن ما بين الدفتين كلام الله جل وعلا و اتفاق الأمة على إثباتها في المصاحف مع مبالغتهم في تجريد القرآن فنعم الاستدلال على ما هو المدعى من جزئيتها للسور المصدرة بها ثم في هذا المقام بحث يحسن التنبيه عليه وهو أنه لا خلاف بين فقهائنا رضوان الله عليهم في أن كلما تواتر من القراءات يجوز القراء به في الصلاة ولم يفرقوا بين تخالفها في الصفات أو في إثبات بعض الحروف والكلمات كملك ومالك وقوله تعالى " تجري من تحتها الأنهار " بإثبات لفظة من وتركها فالمكلف مخير في الصلاة بين الترك والإثبات إذ كل منهما متواتر وهذا يقتضي الحكم بصحة صلاة من ترك البسملة أيضا لأنه قد قرء بالمتواتر من قراءة أبي عمرو وحمزة وابن عامر وورش عن نافع وقد حكموا ببطلان صلاته فقد تناقض الحكمان فأما أن يصار إلى القدح في تواتر الترك وهو كما ترى أو يقال بعدم كلية تلك القضية ويجعل حكمهم هذا منبها على تطرق الاستثناء إليها فكأنهم قالوا كلما تواتر يجوز القراءة به في الصلاة إلا ترك البسملة قبل السورة ولعل هذا هون وللكلام في هذا المقام مجال واسع والله أعلم فصل الباء أما للاستعانة أو المصاحبة وربما
(٣٩٢)