يا أمير المؤمنين! أبرد عن الصلاة لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم، قال: إني أتخوفهم عليك، قلت: كلا إن شاء الله تعالى، قال:
فلبست أحسن ما أقدر عليه من هذه اليمانية، قال: ثم دخلت عليهم وهم قائلون في نحر الظهيرة، قال: فدخلت على قوم لم أر قوما قط أشد اجتهادا منهم، أيديهم كأنها ثفن الإبل، ووجوههم معلمة من آثار السجود قال: فدخلت، فقالوا:
مرحبا بك يا ابن عباس! ما جاء بك؟ قلت: جئت أحدثكم عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليهم نزل الوحي، وهم أعلم بتأويله، فقال بعضهم: لا تحدثوه، وقال بعضهم: والله لنحدثنه، قال: قلت: أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه، وأول من آمن به؟ وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه؟ قالوا:
ننقم عليه ثلاثا، قال: قلت: وما هن؟ قالوا: أولهن أنه حكم الرجال في دين الله، وقد قال الله: (إن الحكم إلا لله) (1)، قال: قلت:
وماذا؟ قالوا: وقاتل ولم يسب، ولم يغنم، لئن كانوا كفارا لقد حلت له أموالهم، ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم، قال:
قلت: وماذا؟ قالوا: محا نفسه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين، قال: قلت: أرأيتم (2) إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم، وحدثتكم من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما لا تنكرون، أترجعون؟ قالوا: نعم، قال: قلت: أما قولكم: حكم الرجال في