قلت يسبحون قال لو كنت مسبحا أتممت صلاتي صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يزاد في السفر على ركعتين وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك وقد أخرجه الترمذي من وجه آخر ( وروي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه كان يتطوع في السفر) أخرجه الترمذي في هذا الباب قال بعض العلماء هذا محمول على التذكر وما روى عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يتطوع في السفر محمول على النسيان والله تعالى أعلم وروى مالك في الموطأ بلاغا عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يرى ابنه عبيد الله يتنقل في السفر فلا ينكر ذلك عليه قوله (فرأى بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتطوع الرجل في السفر وبه يقول أحمد وإسحاق) المراد من التطوع النوافل الراتبة وأما النوافل المطلقة فقد اتفق العلماء على استحبابها (ومعنى من لم يتطوع في السفر قبول الرخصة) يعني أن من قال بعدم التطوع في السفر مراده أن التطوع رخصة في السفر فقبل الرخصة ولم يتطوع وليس مراده أن التطوع في السفر ممنوع (وهو قول أكثر أهل العلم يختارون التطوع في السفر) قال النووي في شرح مسلم قد اتفق العلماء على استحباب النوافل المطلقة في السفر واختلفوا في استحباب النوافل الراتبة فتركها ابن عمر وآخرون واستحبها الشافعي والجمهور ودليله الأحاديث العامة المطلقة في ندب الرواتب وحديث صلاته صلى الله عليه وسلم الضحى يوم الفتح بمكة وركعتي الصبح حين ناموا حتى تطلع الشمس وأحاديث أخرى صحيحة ذكرها أصحاب السنن والقياس على النوافل المطلقة ولعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في رحله ولا يراه ابن عمر فإن النافلة في البيت أفضل ولعله تركها في بعض الأوقات تنبيها على جواز تركها وأما ما يحتج به القائلون بتركها من أنها لو شرعت لكان إتمام الفريضة أولى فجوابه أن الفريضة متحتمة فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها وأما النافلة فهي إلى خيرة المكلف فالرفق به أن تكون مشروعة ويتخير إن شاء فعلها وحصل ثوابها وإن شاء تركها ولا شئ عليه انتهى
(٩٦)