الاشعار سنة وقولهم بدعة) قال أبو الطيب السندي في شرح الترمذي أشار بهذا إلى قول الإمام أبي حنيفة قيل إن الاشعار عنده مكروه وقيل بدعة انتهى وقال صاحب العرف الشذي لفظ أهل الرأي ليس للتوهين بل يطلق على الفقيه إلا أن أول إطلاق هذا اللفظ على أبي حنيفة وأصحابه فإنه أول من دون الفقه قال ثم يستعمل لفظ أهل الرأي في كل فقيه انتهى قلت لا شك في أن مراد وكيع بأهل الرأي الإمام أبو حنيفة وأصحابه يدل على ذلك قول وكيع الآتي أشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول أبو حنيفة هو مثله وقول وكيع هذا وقوله لا تنظروا إلى قول أهل الرأي الخ كلاهما للإنكار على الإمام أبو حنيفة في قوله الاشعار مثله أو مكروه فأنكر وكيع بهذين القولين عليه وعلى أصحابه إنكارا شديدا ورد عليه ردا بليغا وظهر من هذين القولين أن وكيعا لم يكن حنفيا مقلدا للإمام أبي حنيفة فإنه لو كان حنفيا لم ينكر عليه هذا الانكار البتة فبطل قول صاحب العرف الشذي أن وكيعا كان حنفيا فإن قلت قال الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة وكيع قال يحيى ما رأيت أفضل منه يعني من وكيع يقوم الليل ويسرد الصوم ويفتي بقول أبي حنيفة انتهى فقول يحيى هذا يدل على أن وكيعا كان حنفيا قلت المراد بقوله ويفتي بقول أبي حنيفة هو الاقتناء بجواز شرب نبيذ الكوفيين فإن وكيعا كان يشربه ويفتي بجوازه على قول أبي حنيفة قال الذهبي في تذكرة الحفاظ ما فيه أي ما في وكيع إلا شربه نبيذ الكوفيين وملازمته له جاء ذلك من غير وجه عنه انتهى والحاصل أن المراد بقوله يفتي بقول أبي حنيفة الخصوص لا العموم ولو سلم أن المراد به العموم فلا شك أن المراد أنه كان يفتي بقول أبي حنيفة الذي ليس مخالفا للحديث والدليل على ذلك قولاه المذكوران وأما قول صاحب العرف الشذي لفظ أهل الرأي يطلق على الفقيه وقوله يستعمل في كل فقيه ففيه أن هذا اللفظ لا يطلق على كل فقيه كما بيناه في المقدمة (فإن الاشعار سنة وقولهم بدعة) يعني أن الاشعار ثابت من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما قول أهل الرأي بأن الاشعار مثلة فهو بدعة لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم ولم يفهم صاحب العرف الشذي معنى هذه الجملة حيث قال قوله بدعة الخ لم يصرح وكيع بأن هذا قول أبي حنيفة وإذا ذكر قوله لم يقله بدعة إلا أنه لم يرض به انتهى كلامه بلفظه (ويقول أبو حنيفة هو مثلة) قال في النهاية يقال مثلت بالحيوان أمثل به مثلا إذا قطعت أطرافه وشوهت به ومثلت بالقتيل إذا جدعت أنفه أو أذنه أو مذاكيره أو شيئا من أطرافه
(٥٥٦)