النفل ويدل عليه ما رواه عبد الرزاق والشافعي والطحاوي والدارقطني وغيرهم من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار عن جابر في حديث الباب زاد هي له تطوع ولهم فريضة وهو حديث صحيح وقد صرح ابن جريج في رواية عبد الرزاق بسماعه منه فانتفت تهمة تدليسه فقول ابن الجوزي إنه لا يصح مردود وتعليل الطحاوي له بأن ابن عيينة ساقه عن عمرو أتم من سياق ابن جريج ولم يذكر هذه الزيادة ليس بقادح في صحته لأن ابن جريج أسن وأجل من ابن عيينة وأقدم أخذا عن عمرو منه ولو لم يكن كذلك فهي زيادة من ثقة حافظ ليست منافية لرواية من هو أحفظ منه ولا أكثر عددا فلا مانع في الحكم بصحتها وأما رد الطحاوي لها باحتمال أن تكون مدرجة فجوابه أن الأصل عدم الأدراج حتى يثبت التفصيل فمهما كان مضموما إلى الحديث فهو منه ولا سيما إذا روى من وجهين والأمر هنا كذلك فإن الشافعي أخرجها متابعا لعمرو بن دينار عنه وقول الطحاوي هو ظن من جابر مردود لأن جابرا كان ممن يصلي مع معاذ فهو محمول على أنه سمع ذلك منه ولا يظن بجابر أنه يخبر عن شخص بأمر غير مشاهد إلا بأن يكون ذلك الشخص أطلعه عليه وأما قول الطحاوي لا حجة فيها لأنها لم تكن بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقريره فجوابه أنهم لا يختلفون في أن رأى الصحابي إذا لم يخالفه غيره حجة والواقع هنا كذلك فإن الذين كان يصلي بهم كلهم صحابة وفيهم ثلاثون عقبيا وأربعون بدريا قاله ابن حزم قال ولا يحفظ من غيرهم من الصحابة امتناع ذلك بل قال معهم بالجواز عمر وابن عمر وأبو الدرداء وأنس وغيرهم انتهى فإن قلت روى أحمد والطحاوي عن معاذ بن رفاعة عن سليم رجل من بني سلمة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن معاذ بن جبل يأتينا الحديث وفي آخره يا معاذ لا تكن فتانا إما أن تصلي معي وإما أن تخفف على قومك فهذه الرواية تدل على عدم صحة اقتداء المفترض بالمتنفل فإن قوله إما أن تصلي معي وإما أن تخفف على قومك قال الطحاوي معناه إما أن تصلي معي ولا تصلي بقومك وإما أن تخفف بقومك أي ولا تصلي معي قلت في صحة هذه الرواية كلام قال الشوكاني في النيل قد أعلها ابن حزم بالانقطاع لأن معاذ ابن رفاعة لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولا أدرك الذي شكا إليه لأن هذا الشاكي مات قبل أحد انتهى
(١٥٤)