ويقوي حمله على ظاهره أن في رواية ابن حبان من وجه آخر عن محمد بن زياد أن يحول الله رأسه رأس كلب فهذا يبعد المجاز لانتقاء المناسبة التي ذكروها من بلادة الحمار ومما يبعده أيضا إيراد الوعيد بالأمر المستقبل وباللفظ الدال على تغيير الهيئة الحاصلة ولو أريد تشبيهه بالحمار لأجل البلادة لقال مثلا فرأسه رأس حمار وإنما قلت ذلك لأن الصفة المذكورة وهي البلادة حاصلة في فاعل ذلك عند فعله المذكور فلا يحسن أن يقال له يخشى إذا فعلت ذلك أن تصير بليدا مع أن فعله المذكور إنما نشأ من البلادة كذا في فتح الباري قلت القول الظاهر الراجح هو حمله على الظاهر ولا حاجة إلى التأويل مع ما فيه ذكره الحافظ ويؤيد حمله على الظاهر ما حكى عن بعض المحدثين أنه رحل إلى دمشق لأخذ الحديث عن شيخ مشهور بها فقرأ جملة لكنه كان يجعل بيني وبينه حجابا ولم ير وجهه فلما طالت ملازمته له ورأى حرصه على الحديث كشف له الستر فرأى وجهه وجه حمار فقال له احذر يا بني أن تسبق الامام فإني لما مر بي الحديث استبعدت وقوعه فسبقت الإمام فصار وجهي كما ترى والله تعالى أعلم قوله (قال لي محمد بن زياد إنما قال أما يخشى) في حاشية النسخة الأحمدية غرضه من هذا القول دفع توهم من قال إنا نشاهد من الناس الرفع قبل الامام ولا يحول رأسه فقال محمد إن قوله أما يخشى ورد البتة لكن المراد منه إما التهديد أو يكون في البرزخ أو في النار انتهى ما في الحاشية قلت روى شعبة هذا الحديث عن محمد بن زياد عن أبي هريرة بلفظ أما يخشى أحدكم أو ألا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الامام كما في صحيح البخاري فوقع الشك لشعبة في أن محمد بن زياد حدثه عن أبي هريرة بلفظ أما يخشى أو ألا يخشى فالظاهر أن حماد بن زيد سأل محمد بن زياد عن أن أبا هريرة حدثك بلفظ أما يخشى أو ألا يخشى فأجابه محمد بن زياد بقوله إنما قال أي أبو هريرة أما يخشى والله تعالى أعلم
(١٥٢)