لا يتعلق إلا بترك واجب والأمر في الآيتين للوجوب انتهى كلام العيني واستدل أيضا بحديث أبي هريرة إذا قرأ ابن آدم السجدة اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلى النار أخرجه مسلم قلت قول ابن عمر رضي الله عنه السجدة على من سمعها وقول عثمان إنما السجود على من استمع لو سلم أنهما يدلان على وجوب سجدة التلاوة فهو قولهما وليس بمرفوع وقولهما هذا مخالف لإجماع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين كما ستقف عليه وأما قوله تعالى وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون فمعناه لا يسجدون إباءا وإنكارا كما قال الشيطان أمرت بالسجود فأبيت فالذم متعلق بترك السجود إباءا وإنكارا قال ابن قدامة في المغنى فأما الآية فإنه ذمهم لترك السجود غير معتقدين فضله ولا مشروعيته انتهى وأما الاستدلال على وجوب سجدة التلاوة بقوله تعالى فاسجدوا لله واعبدوا وقوله واسجد واقترب فموقوف على أن يكون الأمر فيهما للوجوب وعلى أن يكون المراد بالسجود سجدة التلاوة وهما ممنوعان قال الإمام البخاري في صحيحه باب من رأى أن الله عز وجل لم يوجب السجود قال الحافظ في الفتح أي وحمل الأمر في قوله اسجدوا على الندب أو على أن المراد به سجود الصلاة أو في الصلاة المكتوبة على الوجوب وفي سجود التلاوة على الندب على قاعدة الشافعي ومن تابعه في حمل المشترك على معنييه ومن الأدلة على أن سجود التلاوة ليس بواجب ما أشار إليه الطحاوي من أن الآيات التي في سجود التلاوة منها ما هو بصيغة الخبر ومنها ما هو بصيغة الأمر وقد وقع الخلاف في التي بصيغة الأمر هل هي فيها سجود أو لا وهي ثانية الحج وخاتمة النجم واقرأ فلو كان سجود التلاوة واجبا لكان ما ورد بصيغة الأمر أولى أن يتفق على السجود فيه مما ورد بصيغة الخبر انتهى (وقال بعض أهل العلم إنما السجدة على من أراد أن يسجد فيها والتمس فضلها ورخصوا في تركها قالوا إن أراد ذلك) وهو قول الشافعي ومالك في أحد قوليه وأحمد وإسحاق والأوزاعي وداود قالوا إنها سنة وهو قول عمر وسلمان وابن عباس وعمران بن حصين وبه قال الليث كذا في عمدة القاري (واحتجوا بالحديث المرفوع حديث زيد بن ثابت قال
(١٤٠)