ثم ذكر تأويلات للعلماء ورد على كل واحد منها إلا تأويلا واحدا فأقره وجعله أحسن الوجوه فقال وقد سلك العلماء في ذلك مسالك فقيل جرى ذلك على لسانه حين أصابته سنة وهو لا يشعر فلما علم ذلك أحكم الله آياته قال ورده عياض بأنه لا يصح لكونه لا يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولا ولاية للشيطان عليه في النوم وقيل إن الشيطان ألجأه إلى أن قال ذلك بغير اختياره ورده ابن العربي بقوله تعالى حكاية عن الشيطان (وما كان لي عليكم من سلطان) الآية قال فلو كان للشيطان قوة على ذلك لما بقي لأحد قوة في طاعة وهكذا ذكر الحافظ تأويلات أخر ورد عليها ثم قال وقيل كان صلى الله عليه وسلم يرتل القرآن فارتصده الشيطان في سكتة من السكتات ونطق بتلك الكلمات محاكيا نغمته بحيث سمعه من دنا إليه فظنها من قوله وأشاعها قال وهذا أحسن الوجوه انتهى كلام الحافظ ملخصا قلت في هذا التأويل أيضا كلام كما لا يخفى على المتأمل وأما قوله إن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك أن لها أصلا ففيه أن هذا ليس قانونا كليا قال الزيلعي في نصب الراية وكم من حديث كثرت رواته وتعددت طرقه وهو حديث ضعيف كحديث الطير وحديث الحاجم والمحجوم وحديث من كنت مولاه فعلى مولاه بل قد لا يزيد الحديث كثرة الطرق إلا ضعفا انتهى كلام الزيلعي فتأمل وتفكر تنبيه الغرانيق بفتح الغين المعجمة طيور الماء شبهت الأصنام المعتقدون فيها أنها تشفع لهم بالطيور تعلو في السماء وترتفع وقال العيني في شرح البخاري وقد فسر الكلبي في روايته الغرانيق العلى بالملائكة لا بآلهة المشركين كما يقولون إن الملائكة بنات الله وكذبوا على الله ورد الله ذلك عليهم بقوله ألكم الذكر وله الأنثى فعلى هذا فلعله كان قرآنا ثم نسخ لتوهم المشركين بذلك مدح آلهتم انتهى كلام العيني قلت قوله فعلى هذا فلعله كان قرآنا ثم نسخ فيه نظر فإن الروايات المروية في هذه القصة صريحة في أن هذه الكلمات ألقاها الشيطان على لسان النبي صلى الله عليه وسلم ولو سلم أن قوله تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته نزل في هذه القصة فقوله تعالى هذا أيضا صريح في أن ملقي هذه الكلمات على لسان النبي صلى الله عليه وسلم هو الشيطان قال العيني في شرح البخاري فأخبر الله في هذه الآية أن سنته في رسله إذا قالوا قولا زاد الشيطان فيه من قبل نفسه فهذا نص في أن الشيطان زاده في قول النبي صلى الله عليه وسلم لا أن
(١٣٧)