فتح الباري - ابن حجر - ج ١١ - الصفحة ٥٢٤
الترمذي والنسائي من هذا الوجه بلفظ من قال الخ قال الترمذي سألت محمدا عنه فقال هذا خطأ أخطأ فيه عبد الرزاق فاختصره من حديث معمر بهذا الاسناد في قصة سليمان بن داود (قلت) وقد أخرجه البخاري في كتاب النكاح عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق بتمامه وأشرت إلى ما فيه من فائدة وكذا أخرجه مسلم وقد اعترض ابن العربي بأن ما جاء به عبد الرزاق في هذه الرواية لا يناقض غيرها لان ألفاظ الحديث تختلف باختلاف أقوال النبي صلى الله عليه وسلم في التعبير عنها لتبين الاحكام بألفاظ أي فيخاطب كل قوم بما يكون أوصل لأفهامهم واما بنقل الحديث على المعنى على أحد القولين وأجاب شيخنا في شرح الترمذي بأن الذي جاء به عبد الرزاق في هذه الرواية ليس وافيا بالمعنى الذي تضمنته الرواية التي اختصره منها فإنه لا يلزم من قوله صلى الله عليه وسلم لو قال سليمان إن شاء الله لم يحنث ان يكون الحكم كذلك في حق كل أحد غير سليمان وشرط الرواية بالمعنى عدم التخالف وهنا تخالف بالخصوص والعموم (قلت) وإذا كان مخرج الحديث واحدا فالأصل عدم التعدد لكن قد جاء لرواية عبد الرزاق المختصرة شاهد من حديث ابن عمر أخرجه أصحاب السنن الأربعة وحسنه الترمذي وصححه الحاكم من طريق عبد الوارث عن أيوب وهو السختياني عن نافع عن ابن عمر مرفوعا من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه قال الترمذي رواه غير واحد عن نافع موقوفا وكذا رواه سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه ولا نعلم أحدا رفعه غير أيوب وقال إسماعيل بن إبراهيم كان أيوب أحيانا يرفعه وأحيانا لا يرفعه وذكر في العلل أنه سأل محمدا عنه فقال أصحاب نافع رووه موقوفا الا أيوب ويقولون ان أيوب في آخر الامر وقفه وأسند البيهقي عن حماد بن زيد قال كان أيوب يرفعه ثم تركه وذكر البيهقي أنه جاء من رواية أيوب بن موسى وكثير بن فرقد وموسى بن عقبة وعبد الله بن العمري المكبر وأبي عمرو بن العلاء وحسان بن عطية كلهم عن نافع مرفوعا انتهى ورواية أيوب ابن موسى أخرجها ابن حبان في صحيحه ورواية كثير أخرجها النسائي والحاكم في مستدركه ورواية موسى بن عقبة أخرجها ابن عدي في ترجمة داود بن عطاء أحد الضعفاء عنه وكذا أخرج رواية أبي عمرو بن العلاء وأخرج البيهقي رواية حسان بن عطية ورواية العمري وأخرجه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور والبيهقي من طريق مالك وغيره عن نافع موقوفا وكذا أخرج سعيد والبيهقي من طريقه رواية سالم والله أعلم وتعقب بعض الشراح كلام الترمذي في قوله لم يرفعه غير أيوب وكذا رواه سالم عن أبيه موقوفا قال شيخنا قلت قد رواه هو من طريق موسى بن عقبة مرفوعا ولفظه من حلف على يمين فاستثنى على اثره ثم لم يفعل ما قال لم يحنث انتهى ولم أر هذا في الترمذي ولا ذكره المزي في ترجمة موسى بن عقبة عن نافع في الأطراف وقد جزم جماعة ان سليمان عليه السلام كان قد حلف كما سأبينه والحق ان مراد البخاري من إيراد قصة سليمان في هذا الباب ان يبين ان الاستثناء في اليمين يقع بصيغة إن شاء الله فذكر حديث أبي موسى المصرح بذكرها مع اليمين ثم ذكر قصة سليمان لمجئ قوله صلى الله عليه وسلم فيها تارة بلفظ لو قال إن شاء الله وتارة بلفظ لو استثنى فأطلق على لفظ إن شاء الله انه استثناء فلا يعترض عليه بأنه ليس في قصة سليمان يمين وقال ابن المنير في الحاشية وكأن البخاري يقول إذا استثنى من الاخبار فكيف لا يستثني من الاخبار المؤكد بالقسم وهو أحوج في التفويض إلى المشيئة (قوله عن هشام بن حجير)
(٥٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 ... » »»
الفهرست