بأن الكفارة بعد الحنث فرض واخراجها قبله تطوع فلا يقوم التطوع مقام الفرض وانفصل عنه من أجاز بأنه يشترط إرادة الحنث والا فلا يجزئ كما في تقديم الزكاة وقال عياض اتفقوا على أن الكفارة لا تجب الا بالحنث وأنه يجوز تأخيرها بعد الحنث واستحب مالك والشافعي والأوزاعي والثوري تأخيرها بعد الحنث قال عياض ومنع بعض المالكية تقديم كفارة حنث المعصية لان فيه اعانة على المعصية ورده الجمهور قال ابن المنذر واحتج للجمهور بأن اختلاف ألفاظ حديثي أبي موسى وعبد الرحمن لا يدل على تعيين أحد الامرين وانما أمر الحالف بأمرين فإذا اتى بهما جميعا فقد فعل ما أمر به وإذا لم يدل الخبر على المنع فلم يبق الا طريق النظر فاحتج للجمهور بأن عقد اليمين لما كان يحله الاستثناء وهو كلام فلان تحله الكفارة وهو فعل مالي أو بدني أولى ويرجح قولهم أيضا بالكثرة وذكر أبو الحسن بن القصار وتبعه عياض وجماعة ان عدة من قال بجواز تقديم الكفارة أربعة عشر صحابيا وتبعهم فقهاء الأمصار الا أبا حنيفة مع أنه قال فيمن أخرج ظبية من الحرم إلى الحل فولدت أولادا ثم ماتت في يده هي وأولادها ان عليه جزاءها وجزاء أولادها لكن إن كان حين اخراجها أدى جزاءها لم يكن عليه في أولادها شئ مع أن الجزاء الذي أخرجه عنها كان قبل ان تلد أولادها فيحتاج إلى الفرق بل الجواز في كفارة اليمين أولى وقال ابن حزم أجاز الحنفية تعجيل الزكاة قبل الحول وتقديم زكاة الزرع وأجازوا تقديم كفارة القتل قبل موت المجني عليه واحتج للشافعي بأن الصيام من حقوق الأبدان ولا يجوز تقديمها قبل وقتها كالصلاة والصيام بخلاف العتق والكسوة الاطعام فإنها من حقوق الأموال فيجوز تقديمها كالزكاة ولفظ الشافعي في الام ان كفر بالاطعام قبل الحنث رجوت أن يجزئ عنه وأما الصوم فلا لان حقوق المال يجوز تقديمها بخلاف العبادات فإنها لا تقدم على وقتها كالصلاة والصوم وكذا لو حج الصغير والعبد لا يجزئ عنهما إذا بلغ أو عتق وقال في موضع آخر من حلف فأراد أن يحنث فأحب إلي أن لا يكفر حتى يحنث فان كفر قبل الحنث أجزأ وساق نحوه مبسوطا وادعى الطحاوي ان الحاق الكفارة بالكفارة أولى من إلحاق الاطعام بالزكاة وأجيب بالمنع وأيضا فالفرق الذي أشار إليه الشافعي بين حق المال وحق البدن ظاهر جدا وانما خص منه الشافعي الصيام بالدليل المذكور ويؤخذ من نص الشافعي ان الأولى تقديم الحنث على الكفارة وفي مذهبه وجه اختلف فيه الترجيح ان كفارة المعصية يستحب تقديمها قال القاضي عياض الخلاف في جواز تقديم الكفارة مبني على أن الكفارة رخصة لحل اليمين أو لتكفير مأثمها بالحنث فعند الجمهور انها رخصة شرعها الله لحل ما عقد من اليمين فلذلك تجزئ قبل وبعد قال المازري للكفارة ثلاث حالات أحدها قبل الحلف فلا تجزئ اتفاقا ثانيها بعد الحلف والحنث فتجزئ اتفاقا ثالثها بعد الحلف وقبل الحنث ففيها الخلاف وقد اختلف لفظ الحديث فقدم الكفارة مرة وأخرها أخرى لكن بحرف الواو الذي لا يوجب رتبة ومن منع رأى أنها لم تجز فصارت كالتطوع والتطوع لا يجزئ عن الواجب وقال الباجي وابن التين وجماعة الروايتان دالتان على الجواز لان الواو لا ترتب قال ابن التين فلو كان تقديم الكفارة لا يجزئ لا بأنه ولقال فليأت ثم ليكفر لان تأخير البيان عن الحاجة لا يجوز فلما
(٥٢٧)