فوصلها الإمام أحمد عن عبد الرزاق عنه وأخرجها أبو داود عن أحمد (قلت) وصنيع مسلم يقتضي ان رواية معمر كذلك فإنه صدر برواية يونس ثم ساقه إلى عقيل ثم قال بعدها وحدثنا إسحاق ابن إبراهيم وعبد بن حميد قالا أنبأنا عبد الرزاق أنبأنا معمر ثم قال كلاهما عن الزهري بهذا الاسناد أي الاسناد الذي ساقه ليونس مثله أي مثل المتن الذي ساقه له قال غير أن في حديث عقيل ولا تكلمت بها لكن حكى الإسماعيلي ان إسحاق بن إبراهيم رواه عن عبد الرزاق كرواية أحمد عنه وأخرجه الإسماعيلي من طريق ابن أبي عمر عن عبد الرزاق فقال في روايته عن عمر سمعني النبي صلى الله عليه وسلم أحلف وهكذا قال محمد بن أبي السرى عن عبد الرزاق وذكر الإسماعيلي ان عبد الاعلى رواه عن معمر فلم يقل في السند عن عمر كرواية أحمد (قلت) وكذا أخرجه أحمد في مسنده من رواية عبد الاعلى قال يعقوب بن شيبة رواه إسحاق بن يحيى عن سالم عن أبيه ولم يقل عن عمر (قلت) فكان الاختلاف فيه على الزهري رواه إسحاق بن يحيى وهو متقن صاحب حديث ويشبه أن يكون ابن عمر سمع المتن من النبي صلى الله عليه وسلم والقصة التي وقعت لعمر منه فحدث به على الوجهين وفي هذا الحديث من الفوائد الزجر عن الحلف بغير الله وانما خص في حديث عمر بالآباء لوروده على سببه المذكور أو خص لكونه كان غالبا عليه لقوله في الرواية الأخرى وكانت قريش تحلف بآبائها ويدل على التعميم قوله من كان حالفا فلا يحلف الا بالله وأما ما ورد في القرآن من القسم بغير الله ففيه جوابان أحدهما ان فيه حذفا والتقدير ورب الشمس ونحوه الثاني ان ذلك يختص بالله فإذا أراد تعظيم شئ من مخلوقاته أقسم به وليس لغيره ذلك وأما ما وقع مما يخالف ذلك كقوله صلى الله عليه وسلم للاعرابي أفلح وأبيه ان صدق فقد تقدم في أوائل هذا الشرح في باب الزكاة من الاسلام في كتاب الايمان الجواب عن ذلك وان فيهم من طعن في صحة هذه اللفظة قال ابن عبد البر هذه اللفظة غير محفوظة وقد جاءت عن راويها وهو إسماعيل بن جعفر بلفظ أفلح والله ان صدق قال وهذا أولى من رواية من روى عنه بلفظ أفلح وأبيه لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح ولم يقع في رواية مالك أصلا وزعم بعضهم ان بعض الرواة عنه صحف قوله وأبيه من قوله والله وهو محتمل ولكن مثل ذلك لا يثبت بالاحتمال وقد ثبت مثل ذلك من لفظ أبي بكر الصديق في قصة السارق الذي سرق حلى ابنته فقال في حقه وأبيك ما ليلك بليل سارق أخرجه في الموطأ وغيره قال السهيلي وقد ورد نحوه في حديث آخر مرفوع قال للذي سأل أي الصدقة أفضل فقال وأبيك لتنبأن أخرجه مسلم فإذا ثبت ذلك فيجاب بأجوبة الأول أن هذا اللفظ كان يجري على ألسنتهم من غير أن يقصدوا به القسم والنهي انما ورد في حق من قصد حقيقة الحلف والى هذا جنح البيهقي وقال النووي انه الجواب المرضي الثاني انه كان يقع في كلامهم على وجهين أحدهما للتعظيم والاخر للتأكيد والنهي اما وقع عن الأول فمن أمثلة ما وقع في كلامهم للتأكيد لا للتعظيم قول الشاعر لعمر أبي الواشين اني أحبها * وقول الاخر فان تك ليلى استودعتني أمانة * فلا وأبي أعدائها لا أذيعها فلا يظن أن قائل ذلك قصد تعظيم والد أعدائها كما لم يقصد الاخر تعظيم والد من وشى به فدل على أن القصد بذلك تأكيد الكلام لا التعظيم وقال البيضاوي هذا اللفظ من جملة ما يزاد في الكلام
(٤٦٤)