لمجرد التقرير والتأكيد ولا يراد به القسم كما تزاد صيغة النداء لمجرد الاختصاص دون القصد إلى النداء وقد تعقب الجواب بأن ظاهر سياق حديث عمر يدل على أنه كان يحلفه لان في بعض طرقه انه كان يقول لا وأبي لا وأبي فقيل له لا تحلفوا فلولا انه أتى بصيغة الحلف ما صادف النهي محلا ومن ثم قال بعضهم وهذا الجواب الثالث ان هذا كان جائزا ثم نسخ قاله الماوردي وحكاه البيهقي وقال السبكي أكثر الشراح عليه حتى قال ابن العربي وروى أنه صلى الله عليه وسلم كان يحلف بأبيه حتى نهى عن ذلك قال وترجمة أبي داود تدل على ذلك يعني قوله باب الحلف بالآباء ثم أورد الحديث المرفوع الذي فيه أفلح وأبيه ان صدق قال السهيلي ولا يصح لأنه لا يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم انه كان يحلف بغير الله ولا يقسم بكافر تالله ان ذلك لبعيد من شيمته وقال المنذري دعوى النسخ ضعيفة لامكان الجمع ولعدم تحقق التاريخ والجواب الرابع ان في الجواب حذفا تقديره أفلح ورب أبيه قاله البيهقي وقد تقدم الخامس أنه للتعجب قاله السهيلي قال ويدل عليه انه لم يرد بلفظ أبي وانما ورد بلفظ وأبيه أو وأبيك بالإضافة إلى ضمير المخاطب حاضرا أو غائبا السادس ان ذلك خاص بالشارع دون غيره من أمته وتعقب بأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال وفيه ان من حلف بغير الله مطلقا لم تنعقد يمينه سواء كان المحلوف به يستحق التعظيم لمعنى غير العبادة كالأنبياء والملائكة والعلماء والصلحاء والملوك والاباء والكعبة أو كان لا يستحق التعظيم كالآحاد أو يستحق التحقير والاذلال كالشياطين والأصنام وسائر من عبد من دون الله واستثنى بعض الحنابلة من ذلك الحلف بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقال تنعقد به اليمين وتجب الكفارة بالحنث فاعتل بكونه أحد ركني الشهادة التي لا تتم الا به وأطلق ابن العربي نسبته لمذهب أحمد وتعقبه بأن الايمان عند أحمد لا يتم الا بفعل الصلاة فيلزمه ان من حلف بالصلاة ان تنعقد يمينه ويلزمه الكفارة إذا حنث ويمكن الجواب عن إيراده والانفصال عما ألزمهم به وفيه الرد على من قال إن فعلت كذا فهو يهودي أو نصراني أو كافر أنه ينعقد يمينا ومتى فعل تجب عليه الكفارة وقد نقل ذلك عن الحنفية والحنابلة ووجه الدلالة من الخير انه لم يحلف بالله ولا بما يقوم مقام ذلك وسيأتي مزيد لذلك بعد وفيه ان من قال أقسمت لأفعلن كذا لا يكون يمينا وعند الحنفية يكون يمينا وكذا قال مالك وأحمد لكن بشرط أن ينوي بذلك الحلف بالله وهو متجه وقد قال بعض الشافعية ان قال علي أمانة الله لأفعلن كذا وأراد اليمين انه يمين والا فلا وقال ابن المنذر اختلف أهل العلم في معنى النهي عن الحلف بغير الله فقالت طائفة هو خاص بالايمان التي كان أهل الجاهلية يحلفون بها تعظيما لغير الله تعالى كاللات والعزى والاباء فهذه يأثم الحالف بها ولا كفارة فيها وأما ما كان يؤول إلى تعظيم الله كقوله وحق النبي والاسلام والحج والعمرة والهدي والصدقة والعتق ونحوها مما يراد به تعظيم الله والقربة إليه فليس داخلا في النهي وممن قال بذلك أبو عبيد وطائفة ممن لقيناه واحتجوا بما جاء عن الصحابة من ايجابهم على الحالف بالعتق والهدي والصدقة ما أوجبوه مع كونهم رأوا النهي المذكور فدل على أن ذلك عندهم ليس على عمومه إذ لو كان عاما لنهوا عن ذلك ولم يوجبوا فيه شيئا انتهى وتعقبه ابن عبد البر بأن ذكر هذه الأشياء وإن كانت بصورة الحلف فليست يمينا في الحقيقة وانما خرج على الاتساع ولا يمين في الحقيقة الا بالله وقال المهلب كانت العرب تحلف بآبائها وآلهتها فأراد الله
(٤٦٥)