الطبري في تفسيرها وقال الراغب ويعبر بالكتابة عن القضاء الممضي كقوله لولا كتاب من الله سبق أي فيما قدره ومنه كتب ربكم على نفسه الرحمة وقوله قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا يعني ما قدره وقضاه قال وعبر بقوله لنا ولم يعبر بقوله علينا تنبيها على أن الذي يصيبنا نعده نعمة لا نقمة (قلت) ويؤيد هذا الآية التي تليها حيث قال قل هل تربصون بنا الا إحدى الحسنيين وقد تقدم في تفسيره ان المراد الفتح أو الشهادة وكل منهما نعمة قال ابن بطال وقد قيل إن هذه الآية وردت فيما أصاب العباد من أفعال الله التي اختص بها دون خلقه ولم يقدرهم على كسبها دون ما أصابوه مكتسبين له مختارين (قلت) والصواب التعميم وان ما يصيبهم باكتسابهم واختيارهم هو مقدور لله تعالى وعن ارادته وقع والله أعلم (قوله قال مجاهد بفاتنين بمضلين الا من كتب الله انه يصلى الجحيم) وصله عبد بن حميد بمعناه من طريق إسرائيل عن منصور في قوله تعالى ما أنتم عليه بفاتنين الا من هو صال الجحيم قال لا يفتنون الا من كتب عليه الضلالة ووصله أيضا من طريق شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظه وأخرجه الطبري من تفسير ابن عباس من رواية علي بن أبي طلحة عنه بلفظ لا تضلون أنتم ولا أضل منكم الا من قضيت عليه انه صال الجحيم ومن طريق حميد سألت الحسن فقال ما أنتم عليه بمضلين الا من كان في علم الله انه سيصلى الجحيم ومن طريق عمر بن عبد العزيز قال في تفسير هذه الآية انكم والألهة التي تعبدونها لستم بالذي تفتنون عليها الا من قضيت أنه سيصلى الجحيم (قوله قدر فهدى قدر الشقاء والسعادة وهدى الانعام لمراتعها) وصله الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى والذي قدر فهدى قدر للانسان الشقوة والسعادة وهدى الانعام لمراتعها وتفسير مجاهد هذا للمعنى لا للفظ وهو كقوله تعالى ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى قال الراغب هداية الله للخلق على أربعة أضرب الأول العامة لكل أحد بحسب احتماله وإليها أشار بقوله الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى والثاني الدعاء على ألسنة الأنبياء واليها أشار بقوله وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا والثالث التوفيق الذي يختص به من اهتدى واليها أشار بقوله ومن يؤمن بالله يهد قلبه وقوله والذين اهتدوا زادهم هدى والرابع الهدايات في الآخرة إلى الجنة واليها أشار بقوله وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله قال وهذه الهدايات الأربع مرتبة فإن من لا يحصل له الأولى لا تحصل له الثانية ومن لم تحصل له الثانية لا تحصل له الثالثة والرابعة ولا تحصل الرابعة الا لمن حصلت له الثلاثة ولا تحصل الثالثة الا لمن حصلت له اللتان قبلها وقد تحصل الأولى دون الثانية والثانية دون الثالثة والانسان لا يهدى أحدا الا بالدعاء وتعريف الطرق دون بقية الأنواع المذكورة والى ذلك أشار بقوله تعالى وانك لتهدي إلى صراط مستقيم والى بقية الهدايات أشار بقوله انك لا تهدي من أحببت ثم ذكر حديث عائشة في الطاعون وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الطب والغرض منه قوله فيه يعلم أنه لا يصيبه الا ما كتب الله له (تنبيه) سند حديث عائشة هذا من ابتدائه إلى يحيى بن يعمر مراوزة وقد سكن يحيى المذكور مرو مدة فلم يبق من رجال السند من ليس مروزيا الا طرفاه البخاري وعائشة (قوله باب وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لو أن الله هداني لكنت من المتقين) كذا ذكر بعض كل من الآيتين والهداية المذكورة أولا هي الرابعة على ما ذكر الراغب والمذكورة ثانيا هي الثالثة ثم ذكر حديث البراء في قوله والله لولا الله ما اهتدينا
(٤٥٠)