ومن طبقة شعبة الثوري وزائدة وعمار بن زريق وأبو خيثمة ومما لم يقع لأبي عوانة رواية شريك عن الأعمش وقد أخرجها النسائي في التفسير ورواية ورقاء بن عمر ويزيد بن عطاء وداود بن عيسى أخرجها تمام وكنت خرجته في جزء من طرق نحو الأربعين نفسا عن الأعمش فغاب عني الان ولو أمعنت التتبع لزادوا على ذلك (قوله إن أحدكم) قال أبو البقاء في اعراب المسند لا يجوز في أن الا الفتح لأنه مفعول حدثنا فلو كسر لكان منقطعا عن قوله حدثنا وجزم النووي في شرح مسلم بأنه بالكسر على الحكاية وجوز الفتح وحجة أبي البقاء ان الكسر على خلاف الظاهر ولا يجوز العدول عنه الا لمانع ولو جاز من غير أن يثبت به النقل لجاز في مثل قوله تعالى أيعدكم انكم إذا متم وقد اتفق القراء على انها بالفتح وتعقبه الخوبي بأن الرواية جاءت بالفتح وبالكسر فلا معنى للرد (قلت) وقد جزم ابن الجوزي بأنه في الرواية بالكسر فقط قال الخوبي ولو لم تجئ به الرواية لما امتنع جوازا على طريق الرواية بالمعنى وأجاب عن الآية بأن الوعد مضمون الجملة وليس بخصوص لفظها فلذلك اتفقوا على الفتح فإما هنا فالتحديث يجوز أن يكون بلفظه وبمعناه (قوله يجمع في بطن أمه) كذا لأبي ذر عن شيخيه وله عن الكشميهني ان خلق أحدكم يجمع في بطن أمه وهي رواية آدم في التوحيد وكذا للأكثر عن الأعمش وفي رواية أبي الأحوص عنه ان أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه وكذا لأبي معاوية ووكيع وابن نمير وفي رواية ابن فضيل ومحمد بن عبيد عند ابن ماجة أنه يجمع خلق أحدكم في بطن أمه وفي رواية شريك مثل آدم لكن قال ابن آدم بدل أحدكم والمراد بالجمع ضم بعضه إلى بعض بعد الانتشار وفي قوله خلق تعبير بالمصدر عن الجثة وحمل على أنه بمعنى المفعول كقولهم هذا درهم ضرب الأمير أي مضروبه أو على حذف مضاف أي ما يقوم به خلق أحدكم أو أطلق مبالغة كقوله * وانما هي إقبال وادبار * جعلها نفس الاقبال والادبار لكثرة وقوع ذلك منها قال القرطبي في المفهم المراد أن المنى يقع في الرحم حين انزعاجه بالقوة الشهوانية الدافعة مبثوثا متفرقا فيجمعه الله في محل الولادة من الرحم (قوله ربعين يوما) زاد في رواية آدم أو أربعين ليلة وكذا لأكثر الرواة عن شعبة بالشك وفي رواية يحيى القطان ووكيع وجرير وعيسى بن يونس أربعين يوما بغير شك وفي رواية سلمة بن كهيل أربعين ليلة بغير شك ويجمع بأن المراد يوم بليلته أو ليلة بيومها ووقع عند أبي عوانة من رواية وهب بن جرير عن شعبة مثل رواية آدم لكن زاد نطفة بين قوله أحدكم وبين قوله أربعين فبين أن الذي يجمع هو النطفة والمراد بالنطفة المني وأصله الماء الصافي القليل والأصل في ذلك أن ماء الرجل إذا لاقي ماء المرأة بالجماع وأراد الله أن يخلق من ذلك جنينا هيأ أسباب ذلك لان في رحم المرأة قوتين قوة انبساط عند ورود مني الرجل حتى ينتشر في جسد المرأة وقوة انقباض بحيث لا يسيل من فرجها مع كونه منكوسا ومع كون المنى ثقيلا بطبعه وفي مني الرجل قوة الفعل وفي مني المرأة قوة الانفعال فعند الامتزاح يصير مني الرجل كالانفحة للبن وقيل في كل منهما قوة فعل وانفعال لكن الأول في الرجل أكثر وبالعكس في المرأة وزعم كثير من أهل التشريح ان مني الرجل لا أثر له في الولد الا في عقده وانه انما يتكون من دم الحيض وأحاديث الباب تبطل ذلك وما ذكر أولا أقرب إلى موافقة الحديث والله أعلم قال ابن الأثير في النهاية يجوز أن يريد بالجمع مكث النطفة في الرحم أي تمكث النطفة أربعين يوما تخمر فيه حتى تتهيأ للتصوير ثم تخلق بعد
(٤١٨)