معا وان أمكن وجودهما منه لان الحكم إذا اجتمعا للأغلب وإذا ترتبا فللخاتمة فلذلك اقتصر على أربع والا لقال خمس والمراد من كتابة الرزق تقديره قليلا أو كثيرا وصفته حراما أو حلالا وبالأجل هل هو طويل أو قصير وبالعمل هو صالح أو فاسد ووقع لأبي داود من رواية شعبة والثوري جميعا عن الأعمش ثم يكتب شقيا أو سعيدا ومعنى قوله شقي أو سعيد ان الملك يكتب إحدى الكلمتين كان يكتب مثلا أجل هذا الجنين كذا ورزقه كذا وعمله كذا وهو شقي باعتبار ما يختم له وسعيد باعتبار ما يختم له كما دل عليه بقية الخبر وكان ظاهر السياق أن يقول ويكتب شقاوته وسعادته لكن عدل عن ذلك لان الكلام مسوق إليهما والتفصيل وارد عليهما أشار إلى ذلك الطيبي ووقع في حديث أنس ثاني حديثي الباب ان الله وكل بالرحم ملكا فيقول أي رب أذكر أو أنثى وفي حديث عبد الله بن عمرو إذا مكثت النطفة في الرحم أربعين ليلة جاءها ملك فقال أخلق يا أحسن الخالقين فيقضي الله ما شاء ثم يدفع إلى الملك فيقول يا رب أسقط أم تام فيبين له ثم يقول أواحد أم توأم فيبين له فيقول أذكر أم أنثى فيبين له ثم يقول أناقص الاجل أم تام الاجل فيبين له ثم يقول أشقى أم سعيد فيبين له ثم يقطع له رزقه مع خلقه فيهبط بهما ووقع في غير هذه الرواية أيضا زيادة على الأربع ففي رواية عبد الله بن ربيعة عن ابن مسعود فيقول اكتب رزقه وأثره وخلقه وشقي أو سعيد وفي رواية خصيف عن أبي الزبير عن جابر من الزيادة أي رب مصيبته فيقول كذا وكذا وفي حديث أبي الدرداء عند أحمد والفريابي فرغ الله إلى كل عبد من خمس من عمله وأجله ورزقه وأثره ومضجعه وأما صفة الكتابة فظاهر الحديث انها الكتابة المعهودة في صحيفته ووقع ذلك صريحا في رواية لمسلم في حديث حذيفة بن أسيد ثم تطوى الصحيفة فلا يزاد فيها ولا ينقص وفي رواية الفريابي ثم تطوى تلك الصحيفة إلى يوم القيامة ووقع في حديث أبي ذر فيقضي الله ما هو قاض فيكتب ما هو لاق بين عينيه وتلا أبو ذر خمس آيات من فاتحة سورة التغابن ونحوه في حديث ابن عمر في صحيح ابن حبان دون تلاوة الآية وزاد حتى النكبة ينكبها وأخرجه أبو داود في كتاب القدر المفرد قال ابن أبي جمرة في الحديث في رواية أبي الأحوص يحتمل أن يكون المأمور بكتابته الأربع المأمور بها ويحتمل غيرها والأول أظهر لما بينته بقية الروايات وحديث ابن مسعود بجميع طرقه يدل على أن الجنين يتقلب في مائة وعشرين يوما في ثلاثة أطوار كل طور منها في أربعين ثم بعد تكملتها ينفخ فيه الروح وقد ذكر الله تعالى هذه الأطوار الثلاثة من غير تقييد بمدة في عدة سور منها في الحج وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في كتاب الحيض في باب مخلقة وغير مخلقة ودلت الآية المذكورة على أن التخليق يكون للمضغة وبين الحديث أن ذلك يكون فيها إذا تكاملت الأربعين وهي المدة التي إذا انتهت سميت مضغة وذكر الله النطفة ثم العلقة ثم المضغة في سور أخرى وزاد في سورة قد أفلح بعد المضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما الآية ويؤخذ منها ومن حديث الباب أن تصير المضغة عظاما بعد نفخ الروح ووقع في آخر رواية أبي عبيدة المتقدم ذكرها قريبا بعد ذكر المضغة ثم تكون عظاما أربعين ليلة ثم يكسو الله العظام لحما وقد رتب الأطوار في الآية بالفاء لان المراد أنه لا يتخلل بين الطورين طور آخر ورتبها في الحديث بثم إشارة إلى المدة التي تتخلل بين الطورين ليتكامل فيها الطور وانما أتى بثم بين النطفة والعلقة لان النطفة قد لا تتكون انسانا وأتى بثم في آخر الآية عند قوله
(٤٢٢)