الأعمش عن أبي إسحاق عند مسلم بلفظ من له نعلان وشراكان من نار يغلى منهما دماغه وفي حديث أبي سعيد عنده نحوه وقال يغلى دماغه من حرارة نعله (قوله منها دماغه) في رواية إسرائيل منهما بالتثنية وكذا في حديث ابن عباس (قوله كما يغلى المرجل بالقمقم) زاد في رواية الأعمش لا يرى أن أحدا أشد عذابا منه وانه لأهونهم عذابا والمرجل بكسر الميم وسكون الراء وفتح الجيم بعدها لام قدر من نحاس ويقال أيضا لكل اناء يغلى فيه الماء من أي صنف كان والقمقم معروف من آنية العطار ويقال هو اناء ضيق الرأس يسخن فيه الماء يكون من نحاس وغيره فارسي ويقال رومي وهو معرب وقد يؤنث فيقال قمقمة قال ابن التين في هذا التركيب نظر وقال عياض الصواب كما يغلى المرجل والقمقم بواو العطف لا بالباء وجوز غيره أن تكون الباء بمعنى مع ووقع في رواية الإسماعيلي كما يغلى المرجل أو القمقم بالشك وتقدم شئ من هذا في قصة أبي طالب * الحديث الخامس عشر حديث عدي بن حاتم تقدم شرحه قريبا في آخر باب من نوقش الحساب * الحديث السادس عشر حديث أبي سعيد في ذكر أبي طالب تقدم في قصة أبي طالب من طريق الليث حدثني ابن الهاد وعطف عليه السند المذكور هنا واختصر المتن ويزيد المذكور هنا هو ابن الهاد المذكور هناك واسم كل من ابن أبي حازم والدراوردي عبد العزيز وهما مدنيان مشهوران وكذا سائر رواة هذا السند (قوله لعله تنفعه شفاعتي) ظهر من حديث العباس وقوع هذا الترجي واستشكل قوله صلى الله عليه وسلم تنفعه شفاعتي بقوله تعالى فما تنفعهم شفاعة الشافعين وأجيب بأنه خص ولذلك عدوه في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وقيل معنى المنفعة في الآية تخالف معنى المنفعة في الحديث والمراد بها في الآية الاخراج من النار وفي الحديث المنفعة بالتخفيف وبهذا الجواب جزم القرطبي وقال البيهقي في البعث صحت الرواية في شأن أبي طالب فلا معنى للانكار من حيث صحة الرواية ووجهه عندي أن الشفاعة في الكفار انما امتنعت لوجود الخبز الصادق في أنه لا يشفع فيهم أحد وهو عام في حق كل كافر فيجوز أن يخص منه من ثبت الخبر بتخصيصه قال وحمله بعض أهل النظر على أن جزاء الكافر من العذاب يقع على كفره وعلى معاصيه فيجوز أن الله يضع عن بعض الكفار بعض جزاء معاصيه تطييبا لقلب الشافع لا ثوابا للكافر لان حسناته صارت بموته على الكفر هباء وأخرج مسلم عن أنس وأما الكافر فيعطي حسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة وقال القرطبي في المفهم اختلف في هذه الشفاعة هل هي بلسان قولي أو بلسان حالي والأول يشكل بالآية وجوابه جواز التخصيص والثاني يكون معناه ان أبا طالب لما بالغ في إكرام النبي صلى الله عليه وسلم والذب عنه جوزي على ذلك بالتخفيف فأطلق على ذلك شفاعة لكونها بسببه قال ويجاب عنه أيضا أن المخفف عنه لما لم يجد أثر التخفيف فكأنه لم ينتفع بذلك ويؤيد ذلك ما تقدم انه يعتقد ان ليس في النار أشد عذابا منه وذلك أن القليل من عذاب جهنم لا تطيقه الجبال فالمعذب لاشتغاله بما هو فيه يصدق عليه انه لم يحصل له انتفاع بالتخفيف (قلت) وقد يساعد ما سبق ما تقدم في النكاح من حديث أم حبيبة في قصة بنت أم سلمة أرضعتني وإياها ثويبة قال عروة ان أبا لهب رؤى في المنام فقال لم أر بعدكم خيرا غير اني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة وقد تقدم الكلام عليه هناك وجوز القرطبي في التذكرة ان الكافر إذا عرض على الميزان
(٣٧٣)