لما ادعى النبوة ثم قاتلهم خالد بن الوليد في عهد أبي بكر وكسرهم ورجع بقيتهم إلى الاسلام وتاب طليحة وحسن إسلامه وسكن معظمهم الكوفة بعد ذلك ثم كانوا ممن شكا سعد بن أبي وقاص وهو أمير الكوفة إلى عمر حتى عزله وقالوا في جملة ما شكوه انه لا يحسن الصلاة وقد تقدم بيان ذلك واضحا في باب وجوب القراءة على الإمام والمأموم من أبواب صفة الصلاة وبينت هناك أسماء من كان منهم من بني أسد المذكورين وأغرب النووي فنقل عن بعض العلماء أن مراد سعد بقوله فأصبحت بنو أسد بنو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي وفيه نظر لان القصة إن كانت هي التي وقعت في عهد عمر فلم يكن للزبير إذ ذاك بنون يصفهم سعد بذلك ولا يشكو منهم فإن أباهم الزبير كان إذ ذاك موجودا وهو صديق سعد وإن كانت بعد ذلك فيحتاج إلى بيان (قوله تعزرني) أي توقفني والتعزير التوقيف على الاحكام والفرائض قاله أبو عبيد الهروي وقال الطبري معناه تقومني وتعلمني ومنه تعزير السلطان وهو التقويم بالتأديب والمعنى أن سعدا أنكر أهلية بني أسد لتعليمه الاحكام مع سابقيته وقدم صحبته وقال الحربي معنى تعزرني تلومني وتعتبني وقيل توبخني على التقصير وقال القرطبي بعد أن حكى ذلك في هذه الأقوال بعد عن معنى الحديث قال والذي يظهر لي أن الأليق بمعناه أن المراد بالتعزير هنا الاعظام والتوقير كأنه وصف ما كانت عليه حالتهم في أول الأمر من شدة الحال وخشونة العيش والجهد ثم إنهم اتسعت عليهم الدنيا بالفتوحات وولوا الولايات فعظمهم الناس لشهرتهم وفضلهم فكأنه كره تعظيم الناس له وخص بني أسد بالذكر لانهم أفرطوا في تعظيمه قال ويؤيده أن في حديث عتبة بن غزوان الذي بعده في مسلم نحو حديث سعد في الإشارة إلى ما كانوا فيه من ضيق العيش ثم قال في آخره فالتقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد بن مالك أي ابن أبي وقاص فأتزرت بنصفها واتزر سعد بنصفها فما أصبح منا أحد الا وهو أمير على مصر من الأمصار انتهى وكان عتبة يومئذ أمير البصرة وسعد أمير الكوفة (قلت) وهذا كله مردود لما ذكرته من أن بني أسد شكوه وقالوا فيه ما قالوا ولذلك خصهم بالذكر وقد وقع في رواية خالد بن عبد الله الطحان عن إسماعيل بن أبي خالد في آخر هذا الحديث في مناقب سعد بعد قوله وضل عملي وكانوا وشوا به إلى عمر قالوا لا يحسن يصلى ووقع كذلك هنا في رواية معتمر بن سليمان عن إسماعيل عند الإسماعيلي ووقع في بعض طرق هذا الحديث الذي فيه انهم شكوه عند مسلم فقال سعد أتعلمني الاعراب الصلاة فهذا هو المعتمد وتفسير التعزير على ما شرحه من تقدم مستقيم واما قصة عتبة بن غزوان فإنما قال في آخر حديثه ما قال لأنه خطب بذلك وهو يومئذ أمير فأراد اعلام القوم بأول امره وآخره اظهارا منه للتواضع والتحدث بنعمة الله والتحذير من الاغترار بالدنيا واما سعد فقال ذلك بعد أن عزل وجاء إلى عمر فاعتذر وأنكر على من سعى فيه بما سعى (قوله على الاسلام) في رواية بيان على الدين (قوله خبت إذا وضل سعيي) في رواية خالد عملي كما ترى وكذا هو في معظم الروايات وفي رواية بيان لقد خبت إذا وضل عملي ووقع عند ابن سعد عن يعلى ومحمد ابني عبيد عن إسماعيل بسنده في آخره وضل عمليه بزيادة هاء في آخره وهي هاء السكت قال ابن الجوزي ان قيل كيف ساغ لسعد أن يمدح نفسه ومن شأن المؤمن ترك ذلك لثبوت النهي عنه فالجواب أن ذلك ساغ
(٢٤٨)