المذكور من تصرف الرواة فلا حجة فيه لخرم القاعدة (قوله حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روى القوم كلهم) أي فأعطيته القدح (قوله فأخذ القدح) زاد روح وقد بقيت فيه فضلة (قوله فوضعه على يده فنظر إلي فتبسم) في رواية علي بن مسهر فرفع رأسه فتبسم كأنه صلى الله عليه وسلم كان تفرس في أبي هريرة ما كان وقع في توهمه ان لا يفضل له من اللبن شئ كما تقدم تقريره فلذلك تبسم إليه إشارة إلى أنه لم يفته شئ (قوله فقال أبا هر) كذا فيه بحذف حرف النداء وفي رواية علي بن مسهر فقال أبو هريرة وقد تقدم توجيهه (قوله بقيت أنا وأنت) كأن ذلك بالنسبة إلى من حضر من أهل الصفة فأما من كان في البيت من أهل النبي صلى الله عليه وسلم فلم يتعرض لذكرهم ويحتمل أن البيت إذ ذاك ما كان فيه أحد منهم أو كانوا أخذوا كفايتهم وكان اللبن الذي في ذلك القدح نصيب النبي صلى الله عليه وسلم (قوله اقعد فاشرب) في رواية علي ابن مسهر قال خذ فاشرب (قوله فما زال يقول اشرب) في رواية روح فما زال يقول لي (قوله ما أجد له مسلكا) في رواية روح في مسلكا (قوله فأرني) في رواية روح فقال ناولني القدح (قوله فحمد الله وسمى) أي حمد الله على ما من به من البركة التي وقعت في اللبن المذكور مع قلته حتى روى القوم كلهم وأفضلوا وسمى في ابتداء الشرب (قوله وشرب الفضلة) أي البقية وهي رواية على ابن مسهر وفي رواية روح فشرب من الفضلة وفيه اشعار بأنه بقي بعد شربه شئ فإن كانت محفوظة فلعله أعدها لمن بقي في البيت إن كان وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم استحباب الشرب من قعود وأن خادم القوم إذا دار عليهم بما يشربون يتناول الاناء من كل واحد فيدفعه هو إلى الذي يليه ولا يدع الرجل يناول رفيقه لما في ذلك من نوع امتهان الضيف وفيه معجزة عظيمة وقد تقدم لها نظائر في علامات النبوة من تكثير الطعام والشراب ببركته صلى الله عليه وسلم وفيه جواز الشبع ولو بلغ أقصى غايته أخذا من قول أبي هريرة لا أجد له مسلكا وتقرير النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك خلافا لمن قال بتحريمه وإذا كان ذلك في اللبن مع رقته ونفوذه فكيف بما فوقه من الأغذية الكثيفة لكن يحتمل أن يكون ذلك خاصا بما وقع في تلك الحال فلا يقاس عليه وقد أورد الترمذي عقب حديث أبي هريرة هذا حديث ابن عمر رفعه أكثرهم في الدنيا شبعا أطولهم جوعا يوم القيامة وقال حسن وفي الباب عن أبي جحيفة (قلت) وحديث أبي جحيفة أخرجه الحاكم وضعفه أحمد وفي الباب أيضا حديث المقدام بن معد يكرب رفعه ما ملاء ابن آدم وعاء شرا من بطنه الحديث أخرجه الترمذي أيضا وقال حسن صحيح ويمكن الجمع بأن يحمل الزجر على من يتخذ الشع عادة لما يترتب على ذلك من الكسل عن العبادة وغيرها ويحمل الجواز على من وقع له ذلك نادرا ولا سيما بعد شدة جوع واستبعاد حصول شئ بعده عن قرب وفيه ان كتمان الحاجة والتلويح بها أولى من اظهارها والتصريح بها وفيه كرم النبي صلى الله عليه وسلم وايثاره على نفسه وأهله وخادمه وفيه ما كان بعض الصحابة عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من ضيق الحال وفضل أبي هريرة وتعففه عن التصريح بالسؤال واكتفاؤه بالإشارة إلى ذلك وتقديمه طاعة النبي صلى الله عليه وسلم على حظ نفسه مع شدة احتياجه وفضل أهل الصفة وفيه أن المدعو إذا وصل إلى دار الداعي لا يدخل بغير استئذان وقد تقدم البحث فيه في كتاب الاستئذان مع الكلام على حديث رسول الرجل أذنه وفيه جلوس كل أحد في المكان اللائق به وفيه اشعار بملازمة أبي بكر
(٢٤٦)