له لما عيره الجهال بأنه لا يحسن الصلاة فاضطر إلى ذكر فضله والمدحة إذا خلت عن البغي والاستطالة وكان مقصود قائلها إظهار الحق وشكر نعمة الله لم يكره كما لو قال القائل اني لحافظ لكتاب الله عالم بتفسيره وبالفقه في الدين قاصدا إظهار الشكر أو تعريف ما عنده ليستفاد ولو لم يقل ذلك لم يعلم حاله ولهذا قال يوسف عليه السلام اني حفيظ عليم وقال علي سلوني عن كتاب الله وقال ابن مسعود لو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني لأتيته وساق في ذلك أخبارا وآثارا عن الصحابة والتابعين تؤيد ذلك * الحديث الثالث (قوله حدثني عثمان) هو ابن أبي شيبة وجرير هو ابن عبد الحميد ومنصور هو ابن المعتمر وإبراهيم هو النخعي والأسود هو ابن يزيد وهؤلاء كلهم كوفيون (قوله ما شبع آل محمد) أي النبي (صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة) يخرج ما كانوا فيه قبل الهجرة (من طعام بر) يخرج ما عدا ذلك من أنواع المأكولات (ثلاث ليال) أي بأيامها (تباعا) يخرج التفاريق (حتى قبض) إشارة إلى استمراره على تلك الحال مدة اقامته بالمدينة وهي عشر سنين بما فيها من أيام أسفاره في الغزو والحج والعمرة وزاد ابن سعد من وجه آخر عن إبراهيم وما رفع عن مائدته كسرة خبز فضلا حتى قبض ووقع في رواية الأعمش عن منصور فيه بلفظ ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية عبد الرحمن بن عابس عن أبيه عن عائشة ما شبع آل محمد من خبز بر مأدوم أخرجه مسلم وفي رواية عبد الرحمن بن يزيد عن الأسود عن عائشة ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض أخرجاه وعند مسلم من رواية يزيد ابن قسيط عن عروة عن عائشة ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز وزيت في يوم واحد مرتين وله من طريق مسروق عنها والله ما شبع من خبز ولحم في يوم مرتين وعند ابن سعد أيضا من طريق الشعبي عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تأتي عليه أربعة أشهر ما يشبع من خبز البر وفي حديث أبي هريرة نحو حديث الباب ذكره المصنف في الأطعمة من طريق سعيد المقبري عنه ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا من خبز حنطة حتى فارق الدنيا وأخرجه مسلم أيضا عن أبي هريرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير في اليوم والواحد غداء وعشاء وتقدم أيضا فس حديث سهل بن سعد ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم شبعتين في يوم حتى فارق الدنيا أخرجه ابن سعد والطبراني وفي حديث عمران بن حصين ما شبع من غداء أو عشاء حتى لقي الله أخرجه الطبراني قال الطبري استشكل بعض الناس كون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يطوون الأيام جوعا مع ما ثبت أنه كان يرفع لأهله قوت سنة وأنه قسم بين أربعة أنفس ألف بعير مما أفاء الله عليه وأنه ساق في عمرته مائة بدنة فنحرها وأطعمها المساكين وأنه أمر لأعرابي بقطيع من الغنم وغير ذلك مع من كان معه من أصحاب الأموال كأبي بكر وعمر وعثمان وطلحة وغيرهم مع بذلهم أنفسهم وأموالهم بين يديه وقد أمر بالصدقة فجاء أبو بكر بجميع ماله وعمر بنصفه وحث على تجهيز جيش العسرة فجهزهم عثمان بألف بعير إلى غير ذلك والجواب أن ذلك كان منهم في حالة دون حالة لا لعوز وضيق بل تارة للإيثار وتارة لكراهة الشبع ولكثرة الاكل انتهى وما نفاه مطلقا فيه نظر لما تقدم من الأحاديث آنفا وقد أخرج ابن حبان في صحيحه عن عائشة من حدثكم أنا كنا نشبع من التمر فقد كذبكم فلما افتتحت قريظة أصبنا شيئا من التمر والودك وتقدم في غزوة خيبر
(٢٤٩)