فقلت: لم آتك بكلام مشكل، ولا خاطبتك بغير العربية، وغرضي في نفس هذا السؤال مفهوم لكل ذي سمع من العرب إذا أصغى إليه، ولم يله عنه اللهم إلا أن تريد أن أبين لك من غرضي فيما أجري بهذه المسألة إليه فلست أفعل ذلك بأول وهلة إلا أن يلزمني في حكم النظر، والذي استخبرتك عنه معروف صحته وأنا أكرره: أتقول إن الشئ إذا اختلف العقلاء في وجوده أو صحته وفساده كان اختلافهم دليلا على بطلانه، أو قد يكون حقا وإن اختلف العقلاء فيه؟
فقال: ليس يكون الشئ باطلا من حيث اختلف الناس فيه ولا يذهب إلى ذلك عاقل.
فقلت له: فما أنكرت إلا أن تكون فاطمة عليها السلام قد أنكرت على أبي بكر حكمه، وردت عليه في خبره، واحتجت عليه في بطلان قضائه، واستشهدت بالقرآن على ما جاء الأثر به، ولا يجب أن يقع الاتفاق على ذلك وإن كان حقا، ولا يكون الخلاف فيه علامة على كذب مدعاه، بل قد يكون صدقا، وإن اختلف فيه على ما أعطيت في الفتيا التي قررناك عليها.
فقال: أنا لا أعتمد على ما سمعت مني من الكلام مع الرجل على الاختلاف فيما ادعاه إلا بعد أن قدمت معه مقدمات لم تحصرها، والذي أعتمد عليه الان معك أن الذي يدل على صدق أبي بكر فيما رواه النبي صلى الله عليه وآله من أنه لا يورث، وصوبه فيما حكم به ما جاء به الخبر عن علي عليه السلام أنه قال: ما حدثني أحد بحديث إلا استحلفته، ولقد حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر. ولو لم يكن عنده صادقا أمينا عادلا لما عدل عن استحلافه، ولا صدقه في روايته، ولا ميز بينه وبين الكافة في خبره، وهذا يدل على أن ما يدعونه على أبي بكر من تخرص الخبر فاسد محال.
فقلت له: أول ما في هذا الباب أنك قد تركت الاعتدال الذي اعتمدته