بدء، ورغبت عنه بعد أن كنت راغبا فيه، وأحلتنا على شئ لا نعرفه ولا سمعناه، وإنما بينا الكلام على الاعتدال الذي حضرناه، ولسنا نشاحك في هذا الباب لكنا نكلمك على استينافه من الكلام، وأنت تعلم وكل عاقل عرف المذاهب وسمع الاخبار أن الشيعة لا تروي هذا الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام ولا تصححه، بل تشهد بفساده وكذب رواته وإنما يرويه آحاد من العامة، ويسلمه من دان بأبي بكر خاصة، فإن لزم الشيعة أمر بحديث تفرد به خصومهم لزم المخالفين ما تفردت الشيعة بروايته، هذا على شرط الانصاف وحقيقة النظر والعدل فيه، فيجب أن يصير إلى اعتقاد ضلالة كل ما روت الشيعة عن النبي صلى الله عليه وآله وعن علي والأئمة من ذريته عليهم السلام ما يوجب ضلالتهم، فإن لم تقبل ذلك، ولم تلتزمه لتفرد القوم بنقله دونك فكيف استجزت إلزامهم الاقرار برواية ما تفردت به دونهم لولا التحكم دون الانصاف.
على أن أقرب الأمور في هذا الكلام أن تتكافأ الروايات ولا يلزم أحد الفريقين منهما إلا ما حصل عليه الاجماع، أو يضم إليه دليل يقوم مقام الاجماع في الحجة والبيان، وفي هذا إسقاط الاحتجاج بالخبر من أصله مع أني أسلمه لك تسليم جدل، وأبين لك أنك لم توفي الدليل حقه ولا اعتمدت على برهان، وذلك أنه ليس من شرط الكاذب في خبره أن يكون كاذبا في جميع الأخبار، ولا من شرط من صدق في شئ أن يصدق في كل الاخبار، وقد وجدنا اليهود والنصارى والملحدين يكذبون في أشياء ويصدقون في غيرها، فلا يجب لصدقهم فيما صدقوا فيه أن نصدقهم فيما كذبوا فيه، ولا نكذبهم فيما صدقوا فيه لأجل كذبهم في الامر الاخر، ولا نعلم أن أحدا من العقلاء جعل التصديق لزيد في مقالة واحدة دليلا على صدقه في كل أخباره.
وإذا كان ذلك كذلك، فما أنكرت أن يكون الرجل مخطئا فيما رواه عن