النبي صلى الله عليه وآله في الميراث، وأن أمير المؤمنين عليه السلام قد صدقه فيما رواه من الحديث الذي لم يستحلفه فيه، فيكون وجه تصديقه له وعلة ذلك أنه عليه السلام شاركه في سماعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكان حفظه له عينه يغنيه عن استحلافه، ويدله على صدقه فيما أخبر به، ولا يكون ذلك من حيث التعديل له والحكم على ظاهره، على أن الذي رواه أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شئ يدل على صحته العقل، ويشهد بصوابه القرآن، فكان تصديق أمير المؤمنين عليه السلام له من حيث العقل والقرآن، لا من جهة روايته عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا لحسن ظاهر له على ما قدمناه، وذلك أن الخبر الذي رواه أبو بكر هو أن قال:
سمعت رسول الله يقول: (ما من عبد يذنب ذنبا فيندم عليه، ويخرج إلى صحراء فلاة فيصلي ركعتين، ثم يعترف به ويستغفر الله عز وجل منه إلا غفر الله له) وهذا شئ نطق به القرآن، قال الله تعالى: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون) وقال: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) والعقل يدل على قبول التوبة.
وإذا كان الامر على ما وصفناه بطل ما تعلقت به، وكان ذكره لأبي بكر خاصة، لأنه لم يحدثه بحديث غير هذا فصدقه لما ذكرناه، وأخبر عن تصديقه بما وصفناه، ولم يكن ذلك لتعديله على ما ظننت، ولا لتصويبه في الاحكام كلها على ما قدمت بما شرحناه.
فقال عند سماع هذا الكلام: أنا لم أعتمد في عدالة أبي بكر وصحة حكمه على الخبر، وإنما جعلته توطئة للاعتماد، وطولت الكلام فيه، وأطنبت في معناه والذي أعتمده في هذا الباب أني وجدت أمير المؤمنين - عليه السلام - قد بايع أبا بكر وأخذ عطاه، وصلى خلفه، ولم ينكر عليه بيد ولا لسان، فلو كان أبو بكر ظالما لفاطمة عليها السلام لما جاز أن يرضى به أمير المؤمنين - عليه السلام -