فقال له شيخ من فقهاء أهل البلد: فما كان الجواب من علي؟
فقال: كان الجواب أن قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله عهد إلي أن لا أدعو أحدا حتى يأتوني، ولا اجرد سيفا حتى يبايعوني، ومع هذا فلي برسول الله شغل. فقال العباسي: فقد كان العباس - رحمه الله - إذن على خطأ في دعائه له إلى البيعة.
فقال له الشيخ: لم يخطئ العباس فيما قصد، لأنه عمل على الظاهر وكان عمل أمير المؤمنين عليه السلام على الباطن، وكلاهما أصاب الحق ولم يخطئه والحمد لله رب العالمين.
فقال له العباسي: فإن كان علي بن أبي طالب هو الامام بعد النبي صلى الله عليه وآله فقد أخطأ أبو بكر وعمر ومن اتبعهما وهذا أعظم في الدين.
فقال له الشيخ: لست أنشط الساعة للفتيا بتخطئة أحد، وإنما أجبتك عن شئ سألت عنه فإن كان صوابا وضمن تخطئة إنسان فلا تستوحش من اتباع الصواب، وإن كان باطلا فتكلم على إبطاله، فهو أولى من التشنيع بما لا يجدي نفعا، مع أنه إن استعظمت تخطئة من ذكرت فلا بد لك من تخطئة علي والعباس من قبل أنهما قد تأخرا عن بيعة أبي بكر ولم يرضيا بتقدمه عليهما، ولا عملا له ولصاحبه عملا، ولا تقلدا لهما ولاية ولا رآهما أبو بكر ولا عمر أهلا أن يشركاهما في شئ من أمورهما، وخاصة ما صنعه عمر بن الخطاب، فإنه ذكر من يصلح للإمامة في الشورى ومن يصلح للنظر في الاختبار، فلم يذكر العباس من إحدى الطائفتين، ولما ذكر عليا عليه السلام عابه، ووصفه بالدعابة تارة، وبالحرص على الدنيا أخرى، وأمر بقتله إن خالف عبد الرحمان بن عوف وجعل الحق في حين عبد الرحمان دونه وفضله عليه.
هذا وقد أخذ منه ومن العباس ومن جميع بني هاشم الخمس الذي جعله الله