إماما ينتهي في طاعته إلى ما وصفت.
فقلت له: هذا انتقال ثان بعد انتقال أول، وتدارك فائت فارط، وتذكر ما كان منسيا، وإن عملنا على هذه انقطع المجلس بنشر المسائل والتنقل فيها والتحير، وخرج الامر عن حده، وصار مجلس مذاكرة دون تحقيق جدل ومناظرة، وأنت لا تزال تعتذر في كل دفعة عندما يظهر من وهن متعمداتك بأنك لم تردها، ولكنك وطأت بها.
فخبرني الان هل هذا الذي ذكرته أخيرا هو توطئة أو عماد؟ فإن كان توطئة عدلنا عن الكلام فيه وسألناك عن المعتمد، وإن كان أصلا كلمناك عليه، مع أني لست أفهم منك معنى التوطئة، لان كل كلام اعتل به معتل ففسد فقد انهدم ما بناه عليه، ووضح فساد مبناه إن بناه عليه، فاعتذارك في فساد ما تقدم بأنه توطئة لا معنى له، ولكنا نتجاوز هذا الباب ونقول لك ما أنكرت على من قال: إن ما ادعيته من أن أمير المؤمنين عليه السلام بايع الرجل دعوى عرية عن برهان، لافرق بينها وبين قولك: إنه كان مصيبا فيما حكم به على فاطمة عليها السلام. فدل على أن أمير المؤمنين عليه السلام قد بايع على ما ادعيت ثم أبن عليه، فأما أن تعتمد على الدعوى المحضة فإنها تضر ولا تنفع وقولك: إنه عليه السلام صلى خلف الرجل، فإن كنت تريد أنه صلى متأخرا عن مقامه فلسنا ننكر ذلك، وليس فيه دلالة على رضاه به، وإن أردت أنه صلى مقتديا به ومؤتما فما الدليل على ذلك؟ فإنا نخالفك فيه وعنه ندفعك، وهذه دعوى كالأولى تضر من اعتمد عليها أيضا ولا تنفع.
وأما قولك: إنه أخذ العطاء فالامر كما وصفت، ولكن لم زعمت أن في ذلك دلالة على رضاه بإمامته والتسليم له في حكمه، أوليس تعلم أن خصومك يقولون في ذلك: إنه أخذ بعض حقه، ولم يحل له الامتناع من أخذه، لان في ذلك تضييعا لماله، وقد نهى الله تعالى عن التضييع وأكل الأموال بالباطل؟