الله عليه وآله يقول: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) فسلمت عليها السلام لقوله ولم ترده عليه، وليس يجوز على فاطمة عليها السلام أن تصبر على المنكر، وتترك المعروف وتسلم الباطل، لا سيما وأنتم تقولون: إن عليا عليه السلام كان حاضرا في المجلس، ولا شك أن جماعة من المسلمين حضروه واتصل خبره بالباقين، فلم ينكره أحد من الأمة، ولا علمنا أن واحدا رد على أبي بكر وأكذبه في الخبر، فلولا أنه كان محقا فيما رواه من ذلك لما سلمت الجماعة له ذلك.
فاعترض الرجل الامامي بما روي عن فاطمة عليها السلام من ردها عليه، وإنكارها لروايته، وخطبتها في ذلك، واستشهادها على بطلان خبره بظاهر القرآن، وأورد كلاما في هذا المعنى على حسب ما يقتضيه واتسعت له الحال.
فقال علي بن عيسى: هذا الذي ذكرته شئ تختص أنت وأصحابك به والذي ذكرته من الحكم عليه الاجماع، وبه حاصل علم الاضطرار، فلو كان ما تدعونه من خلافه حقا، لارتفع معه الخلاف، وحصل عليه الاجماع، كما حصل على ما ذكرت لك من رواية أبي بكر وحكمه، فلما لم يكن الامر كذلك دل على بطلانه.
فكلمه الامامي بكلام لم ارتضه، وتكرر منهما جميعا، فأشار صاحب المجلس إلي لاخذ الكلام، فأحس بذلك علي بن عيسى، فقال لي: إنني قد جعلت نفسي أن لا أتكلم في مسألة واحدة مع نفسين في مجلس واحد، فأمسك عنه وتركته حتى انقطع الكلام بينه وبين الرجل.
ثم قلت له: خبرني عن المختلف فيه هل يدل الاختلاف على بطلانه؟ فظن أنني أريد شيئا غير المسألة الماضية، وأنني لا أكسر شرطه.
فقال: لست أدري أي شئ تريد بهذا الكلام، فأبن لي عن غرضك لاتكلم عليه.