ثلاثا في مجلس واحد؟ فقال الشيخ - أيده الله -: فقلت: إذا أوقعه بحضور مسلمين عدلين وقعت منه واحدة لا أكثر من ذلك.
فسكت الجوهري هنيئة، ثم قال: كنت أظن أنكم لا توقعون شيئا منه بتة.
فقال أبو محمد بن المأمون للشيخ - أدام الله عزه -: أتقولون أنه يقع منه واحدة؟ فقال الشيخ: نعم إذا كان بشرط الشهود، فأظهر تعجبا من ذلك، وقال:
ما الدليل على أن الذي يقع بها واحدة وقد تلفظ بالثلاث؟
قال الشيخ - أيده الله -: فقلت له: الدلالة على ذلك من كتاب الله عز وجل، ومن سنة نبيه صلى الله عليه وآله ومن إجماع المسلمين، ومن قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، ومن قول ابن عباس - رحمه الله - ومن قول عمر ابن الخطاب، فازداد الرجل تعجبا لما سمع هذا الكلام، وقال: أحب أن تفصل لنا ذلك، وتشرحه على البيان.
قال الشيخ: أما كتاب الله تعالى، فقد تقرر أنه نزل بلسان العرب وعلى مذاهبها في الكلام قال الله سبحانه: (قرآنا عربيا غير ذي عوج) وقال: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) ثم قال سبحانه في آية الطلاق:
(الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) فكانت الثالثة في قوله (أو تسريح بإحسان) ووجدنا المطلق إذا قال لامرأته: أنت طالق أتى بلفظ واحد يتضمن تطليقة واحدة، فإذا قال عقيب هذا اللفظ: ثلاثا، لم يخل من أن تكون إشارته إلى طلاق وقع فيما سلف ثلاث مرات، أو إلى طلاق يكون في المستقبل ثلاثا أو إلى الحال، فإن كان أخبر عن الماضي، فلم يقع الطلاق إذا باللفظ الذي أورده في الحال، وإنما أخبر عن أمر كان، وإن كان أخبر عن المستقبل فيجب أن لا يقع بها طلاق حتى يأتي الوقت، ثم يطلقها ثلاثا على مفهوم اللفظ والكلام، وليس هذان القسمان مما جرى الحكم عليهما، ولا