فغضب عثمان وقال: أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب! إما أن أضربه أو أحبسه أو أقتله، فإنه قد فرق جماعة المسلمين، أو أنفيه من أرض الإسلام.
فتكلم علي عليه السلام وكان حاضرا وقال: أشير عليك بما قاله مؤمن آل فرعون: " فإن يك كاذبا فعليه كذبه، وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم، إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب " قال: فأجابه عثمان بجواب غليظ لا أحب ذكره، وأجابه علي بمثله. قال:
ثم إن عثمان حظر على الناس أن يقاعدوا أبا ذر و يكلموه، فمكث كذلك أياما، ثم أمر أن يؤتى به فأتي به، فلما وقف بين يديه، قال: ويحك يا عثمان! أما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله ورأيت أبا بكر وعمر؟ هل رأيت هذا هداهم؟ إنك لتبطش بي بطش الجبار. فقال: اخرج عنا من بلادنا! فقال أبو ذر: ما أبغض إلي جوارك! فإلى أين أخرج؟ قال: حيث شئت. قال فأخرج إلى الشام أرض الجهاد، قال: إنما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها أفأردك إليها؟ قال: فأخرج إلى العراق، قال: لا. قال: ولم؟
قال تقدم على قوم أهل شبه وطعن في الأمة. قال: فأخرج إلى مصر؟ قال: لا، قال: فإلى أين أخرج؟ قال: حيث شئت. قال أبو ذر: فهو إذن التعرب بعد الهجرة أخرج إلى نجد، فقال عثمان: الشرف الأبعد أقصى فالأقصى، إمض على وجهك هذا ولا تعدون الربذة فسر إليها، فخرج إليها (1).
(298) أبو ذر و عثمان وقال اليعقوبي: وبلغ عثمان أن أبا ذر يقعد في مجلس رسول الله صلى الله