والموفون بعهدهم إذا عاهدوا " الآية.
فقال عثمان: أترون بأسا أن نأخذ مالا من بيت مال المسلمين فننفقه فيما ينوبنا من أمورنا ونعطيكموه؟ فقال كعب: لا بأس بذلك، فرفع أبو ذر العصا فدفع بها في صدر كعب، وقال: يا ابن اليهودي؟ ما أجرأك على القول في ديننا؟! فقال له عثمان: ما أكثر أذاك لي؟ غيب وجهك عني فقد آذيتني.
فخرج أبو ذر إلى الشام، فكتب معاوية إلى عثمان: أن أبا ذر تجتمع إليه الجموع، ولا آمن أن يفسدهم عليك، فإن كان لك في القوم حاجة فاحمله إليك.
فكتب إليه عثمان يحمله، فحمله على بعير عليه قتب يابس، معه خمسة من الصقالبة يطيرون به حتى أتوا به المدينة، قد تسلخت بواطن أفخاذه، وكاد أن يتلف، فقيل له: إنك تموت من ذلك! فقال: هيهات! لن أموت حتى أنفى، وذكر جوامع ما نزل به بعد ومن يتولى دفنه.
فأحسن إليه في داره أياما، ثم دخل إليه فجلس على ركبتيه وتكلم بأشياء وذكر الخبر في ولد أبي العاص: " إذا بلغوا ثلاثين رجلا اتخذوا عباد الله خولا ". ومر في الخبر بطوله، وتكلم بكلام كثير، وكان في ذلك اليوم قد أتي عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف الزهري من المال، فنضت البدر حتى حالت بين عثمان وبين الرجل القائم، فقال عثمان: إني لأرجو لعبد الرحمن خيرا، لأنه كان يتصدق ويقري الضيف وترك ما ترون، فقال كعب الأحبار: صدقت يا أمير المؤمنين! فشال أبو ذر العصا فضرب بها رأس كعب ولم يشغله ما كان فيه من الألم، وقال: يا ابن اليهودي! تقول لرجل مات وترك هذا المال: إن الله أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة، وتقطع على الله بذلك وأنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " ما يسرني أن أموت وأدع