سمعت، ثم قال: أدخلوه علي.
فجئ بأبي ذر قوم يقودونه حتى وقف بين يديه. فقال له معاوية:
يا عدو الله وعدو رسوله! تأتينا في كل يوم فتصنع ما تصنع، أما إني لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك، ولكني أستأذن فيك.
قال جلام: وكنت أحب أن أرى أبا ذر، لأنه رجل من قومي، فالتفت إليه، فإذا رجل أسمر ضرب من الرجال خفيف العارضين في ظهره حناء، فأقبل على معاوية وقال: ما أنا بعدو لله ولا لرسوله، بل أنت وأبوك عدوان لله ولرسوله، أظهرتما الإسلام وأبطنتما الكفر، ولقد لعنك رسول الله صلى الله عليه وآله ودعا عليك مرات أن لا تشبع، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " إذا ولي الأمة الأعين الواسع البلعوم الذي يأكل ولا يشبع فلتأخذ الأمة حذرها منه " فقال معاوية: ما أنا ذاك الرجل. قال أبو ذر: بل أنت ذلك الرجل، أخبرني بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسمعته يقول وقد مررت به: " اللهم العنه ولا تشبعه إلا بالتراب " وسمعته صلى الله عليه وآله يقول: " إست معاوية في النار " فضحك معاوية وأمر بحبسه، وكتب إلى عثمان فيه.
فكتب عثمان إلى معاوية: أن احمل جندبا إلي على أغلظ مركب وأوعره. فوجه به مع من سار به الليل والنهار، وحمله على شارف ليس عليها إلا قتب، حتى قدم به المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد.
فلما قدم بعث إليه عثمان: إلحق بأي أرض شئت، قال: بمكة، قال: لا، قال: ببيت المقدس، قال: لا، قال: بأحد المصرين، قال: لا ولكني مسيرك إلى الربذة، فسيره إليها، فلم يزل بها حتى مات.
وفي رواية الواقدي: أن أبا ذر لما دخل على عثمان، قال له: