علي معنا في موضعنا أتكون معه؟ قال: نعم. قالوا: أنت إذا مقلد عليا دينك ارجع فلا دين لك، فقال لهم صعصعة: ويلكم! ألا أقلد من قلد الله فأحسن التقليد، فاضطلع بأمر الله صديقا لم يزل، أو لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله إذا اشتدت الحرب قدمه في لهواتها، فيطأ صماخها بأخمصه ويخمد لهبها بحده، مكدودا في ذات الله، عنه يعبر رسول الله والمسلمون، فأين تصرفون؟
وأين تذهبون؟ وإلى من ترغبون؟ وعمن تصدفون؟ عن القمر الباهر، والسراج الزاهر، وصراط الله المستقيم، وسبيل الله المقيم، قاتلكم الله أنى تؤفكون! أفي الصديق الأكبر والغرض الأقصى ترمون؟ طاشت عقولكم وغارت حلومكم وشاهت وجوهكم! لقد علوتم القلة من الجبل وباعدتم العلة من النهل، أتستهدفون أمير المؤمنين صلوات الله عليه ووصي رسول الله صلى الله عليه وآله؟ لقد سولت لكم أنفسكم خسرانا مبينا، فبعدا وسحقا للكفرة الظالمين!
عدل بكم عن القصد الشيطان، وعمى لكم عن واضح المحجة الحرمان.
فقال له عبد الله بن وهب الراسبي: نطقت يا ابن صوحان بشقشقة بعير، وهدرت فأطنبت في الهدير، أبلغ صاحبك إنا مقاتلوه على حكم الله والتنزيل، فقال عبد الله بن وهب أبياتا (قال العكلي الحرماري: ولا أدري أهي له أم لغيره):
نقاتلكم كي تلزموا الحق وحده * ونضربكم حتى يكون لنا الحكم فإن تبتغوا حكم الإله نكن لكم * إذا ما اصطلحنا الحق والأمن والسلم وإلا فإن المشرقية محذم * بأيدي رجال فيهم الدين والعلم فقال صعصعة: كأني أنظر إليك يا أخا راسب مترملا بدمائك، يحجل الطير بأشلائك، لا تجاب لكم داعية ولا تسمع لكم واعية، يستحل ذلك منكم إمام هدى. قال الراسبي:
سيعلم الليث إذا التقينا * دور الرحى عليه أو علينا