بفعله عن توبته قلنا: اعتزلنا ونولي أمر المؤمنين رجلا يكفيك ويكفينا، فإنه لا يحل لنا أن نولي أمر المؤمنين رجلا نتهمه في دمائنا وأموالنا، فأبى ذلك وأصر، فلما أن رأينا ذلك منه قتلناه ومن تولاه بعد قتلنا إياه، وهم يعرضون كتاب الله بيننا وبينهم، ويسألونا حجتنا عليهم، وإنما هم صادقون أو كاذبون في نيتهم، وليس لنا عذر في إنصافهم والموادعة والكف عنهم حتى يرجعوا بتوبة أو مناصحة بعد أن نقررهم ونعرفهم ظلمهم وبغيهم، أو يصروا فيغلبنا عليهم ما غلبنا على قائدهم فنقتلهم، فإنما نطلب الحجة بعد العذر، ولا عذر إلا ببينة، ولا بينة إلا بقرآن أو سنة.
وهم خلطاء في الدين، ومقرون بالكتاب والنبي صلى الله عليه وآله وسلم ليسوا بمنزلة أحد ممن حارب المسلمين، أهل بغي ممن أمر الله أن يقاتلوا حتى يفيئوا من بغيهم إلى أمر الله، وبرئوا، ببغيهم من الإيمان، قال الله عز وجل على لسان نبيه داود: " وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ". هؤلاء منافقون، لأمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف وقتالهم عليه، ولاتباعهم ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم، بذلك تفنى حسناتهم، وذلك أنه كانت لهم حسنات لم تنفعهم حين عاداهم، فقبل أمير المؤمنين مناصفتهم في المنازعة عند الحكمين بالدين بأن يحكم بكتاب الله، ويرد المحق والمبطل إلى أمره و [ما] يرضى به، وفيما نزل بهم أمر ليس فيه قرآن يعرفونه فالسنة الجامعة العادلة غير المفرقة، فلم يكن يسع أحدا من الفريقين ترك كتاب الله والسنة بعد قول الله عز وجل في صفة عدوه ومن يرغب عن كتابه وهو مقر بتنزيله، حامل لميثاقه: " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون " وقال الله تعالى يعيرهم بذلك: " أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون " وما أولئك بالمؤمنين، إنهم