أبو بكر أن تفعل، فجاءت بأم أيمن وأسماء بنت عميس مع علي بن أبي طالب عليه السلام، فشهدوا لها جميعا بذلك، فكتب لها أبو بكر فبلغ ذلك عمر، فأتاه فأخذ الصحيفة وقال: إن فاطمة امرأة، وعلي زوجها هو جار إلى نفسه، ولا تكون شهادة امرأتين دون رجل، فأرسل أبو بكر إلى فاطمة فأعلمها ذلك، فحلف بالله الذي لا إله إلا هو أنهم ما شهدوا إلا بالحق.
فقال أبو بكر: فلعلك أنت تكوني صادقة، ولكن أحضري شاهدا لا يجر إلى نفسه.
فقالت: ألم تسمعا من أبي يقول: أسماء بنت عميس وأم أيمن من أهل الجنة؟ فقالا: بلى، فقالت: امرأتان من أهل الجنة تشهدان بباطل، فانصرفت صارخة تنادي أباها وتقول: قد أخبرني أني أول من ألحق به، فوالله لأشكونهما إليه.
فلم تلبث أن مرضت، فأوصت عليا عليه السلام ألا يصليا عليها، وهجرتهما فلم تكلمهما حتى ماتت، فدفنها علي عليه السلام والعباس ليلا.
ثم أحضر المأمون في اليوم الآخر ألف رجل من أهل العلم والفقه، وشرح لهم الحال، وأمرهم بتقوى الله ومراقبته، فتناظروا، فقالت فرقة منهم: الزوج جار إلى نفسه فلا شهادة له، ولكنا نرى أن يمين فاطمة قد أوجبت لها ما ادعت مع شهادة المرأتين، وقالت طائفة: نرى اليمين مع الشهادة لا يوجب حكما ولكن شهادة الزوج جائزة ولا نراه جارا إلى نفسه، وقد وجبت بشهادته مع شهادة المرأتين لفاطمة ما ادعت، فكان اختلاف الطائفتين إجماعا منهما على استحقاق فاطمة فدكا والعوالي.
فسألهم المأمون بعد ذلك عن فضائل لعلي وفاطمة عليهما السلام، فذكروا طرفا جليلا. وسألهم عن أم أيمن و أسماء، فرووا عن نبيهم صلى الله عليه وآله أنهما من أهل الجنة.