فقال عمار: وما عسى أن تقول ابن عمي؟ إني كنت ضالا فهداني الله، ووضيعا فرفعني الله، وذليلا فأعزني الله، فإن [كنت] تزعم هذا [فقد] صدقت، وإن [أنت] تزعم أني خنت الله ورسوله يوما واحدا أو تولينا غير الله يوما واحدا فقد كذبت، ولكن هلم إلى ما نحن فيه الآن، فإن شئت كانت خصومة فيدفع حقنا باطلك، وإن شئت كانت خطب فنحن أعلم بفصل الخطاب منك، وإن شئت أخبرتك بكلمة تفصل بيننا وبينك وتكفرك قبل القيام من مجلسك وتشهد بها على نفسك، ولا تستطيع أن تكذبني:
هل تعلم أن عثمان بن عفان كان عليه الناس بين خاذل له ومحرض عليه [و] ما هم فيه من نصره بيده ولا نهي عنه بلسانه؟ وقد حصر أربعين يوما في جوف داره ليس له جمعة ولا جماعة، وتظن ما كان فيه قبل أن يقتل ما كان من طلحة والزبير وعائشة بنت أبي بكر حين منعها أرزاقها فقالت فيه ما قالت وحرضت على قتله، فلما قتل خرجت فطلبت بدمه بغير حق ولا حكم من الله تعالى في يدها، ثم إن صاحبك هذا معاوية قد طلب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أن يترك له ما في يده، فأبى علي ذلك، فانظر في هذا، ثم سلط الحق على نفسك فاحكم لك وعليك.
قال: فقال عمرو: صدقت أبا اليقظان قد كان ذلك كما ذكرت في أمر عائشة وطلحة والزبير. وأما معاوية فله أن يطلب بدم عثمان، لأنه رجل من بني أمية وعثمان من بني أمية وليس لهذا جئت... إذا رسل هذا الأمر الذي قد شجر بيننا وبينكم، لأني رأيتك أطوع هذا العسكر، فاذكر الله إلا كففت سلاحهم وحقنت دماءهم وحرضت على ذلك، ويحك أبا اليقظان! على ماذا تقاتلنا؟ ألسنا نعبد الله واحدا؟ ألسنا نصلي إلى قبلتكم وندعو بدعوتكم ونقرأ كتابكم ونؤمن بنبيكم؟
فقال عمار: الحمد لله الذي أخرجها من فيك! القبلة والله لي ولأصحابي،