فدخل على معاوية وعنده عمرو بن العاص ورجل من بني الوحيد، فسلم عدي فردوا عليه السلام.
فقال له معاوية: أبا طريف! ما الذي أبقى لك الدهر من ذكر علي بن أبي طالب؟ فقال عدي: وهل يتركني الدهر أن لا أذكره؟ قال: فما الذي بقي في قلبك من حبه؟ قال عدي: كله وإذا ذكر ازداد.
فقال معاوية: ما أريد بذلك إلا أخلاق ذكره، فقال عدي: قلوبنا ليست بيدك يا معاوية، فضحك معاوية، ثم قال: يا معشر طي! إنكم ما زلتم تشرفون الحاج ولا تعظمون الحرم. فقال عدي:: إنا كنا نفعل ذلك ونحن لا نعرف حلالا ولا ننكر حراما، فلما جاء الله عز وجل بالإسلام غلبناك وأباك على الحلال والحرام، وكنا للبيت أشد تعظيما منكم له. فقال معاوية: عهدي بكم يا معشر طي وإن أفضل طعامكم الميتة.
فقال عمرو بن العاص والرجل الذي عنده من بني الوحيد: كف عنه يا أمير المؤمنين، فإنه بعد صفين ذليل. فقال عدي: صدقتم! ثم خرج عدي من عند معاوية، وأنشأ يقول:
يحاولني معاوية بن حرب * وليس إلى الذي يرجو سبيل يذكرني أبا حسن عليا * وحظي في أبي حسن جليل يكاشرني ويعلم أن طرفي * على تلك التي أخفى دليل ويعلم أننا قوم جفاة * حراديون ليس لنا عقول وكان جوابه عندي عتيدا * ويكفي مثله مني القليل وقال ابن الوحيد وقال عمرو * عدي بعد صفين ذليل فقلت صدقتما قد هد ركني * وفارقني الذي بهم أصول ولكني على ما كان مني * أبلبل صاحبي بما أقول وإن أخاك في كل يوم * من الأيام محمله ثقيل