قاض، فقلت: أردت - أصلحك الله - أن أسألك عن مسائل (وكنت حديث السن) فقال: سل يا ابن أخي عما شئت.
فقلت: أخبرني عنكم معاشر القضاة ترد عليكم القضية في المال والفرج والدم، فتقضي أنت فيها برأيك، ثم ترد تلك القضية بعينها على قاضي مكة فيقضي فيها بخلاف قضيتك، وترد على قاضي البصرة وقضاة اليمن وقاضي المدينة فيقضون فيها بخلاف ذلك، ثم تجتمعون عند خليفتكم الذي استقضاكم فتخبرونه باختلاف قضاياكم فيصوب قول كل واحد منكم! وإلهكم واحد ونبيكم واحد ودينكم واحد، أفأمركم الله عز وجل بالاختلاف فأطعتموه؟ أم نهاكم عنه فعصيتموه؟ أم كنتم شركاء لله في حكمه فلكم أن تقولوا وعليه أن يرضى؟ أم أنزل الله دينا ناقصا فاستعان بكم على إتمامه؟ أم أنزله الله تاما فقصر رسول الله صلى الله عليه وآله عن أدائه؟ أم ماذا تقولون؟
فقال: من أنت يا فتى؟ قلت: من أهل البصرة. قال: من أيها؟ قلت: من عبد القيس. قال: من أيهم؟ قلت: من بني أذينة. قال: ما قرابتك من عبد الرحمن بن أذينة؟ قلت: هو جدي، فرحب بي وقربني، وقال: أي فتى!
لقد سألت فغلظت، وانهمكت فعوصت، وسأخبرك إن شاء الله.
أما قولك في اختلاف القضايا: فإنه ما ورد علينا من أمر القضايا مما له في كتاب الله أصل وفي سنة نبيه فليس لنا أن نعدو الكتاب والسنة، وما ورد علينا ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله فإنا نأخذ فيه برأينا.
قلت: ما صنعت شيئا، لأن الله عز وجل يقول: " ما فرطنا في الكتاب من شئ " وقال: " فيه تبيان كل شئ " أرأيت لو أن رجلا عمل بما أمره الله وانتهى عما نهاه الله عنه أبقي لله شئ يعذبه عليه إن لم يفعله أو يثيبه عليه إن فعله؟ قال: وكيف يثيبه على ما لم يأمره به أو يعاقبه على ما لم ينهه عنه!.
قلت: وكيف يرد عليك من الأحكام ما ليس له في كتاب الله أثر ولا في