الحماقة ولا شدته على العدول عن الحق والميل إلى الباطل يقال طاش السهم عن الهدف أي عدل (البائقة) الشر (الغائلة) الشدة (المؤازرة) المعاونة (مرجو لكل كريمه) أي خصلة كريمة وفي بعض النسخ كريهة بالهاء وهو أرفق لقوله (مأمول لكل شدة) والمراد رفعهما و (الهشاشة) الارتياح والخفة (والبشاشة) طلاقة الوجه ورجل هشاش بشاش وهش بش أي طلق الوجه طيبه الاقتصاد في الملبس أن لا تلبس ما يلحقك بدرجة المترفين ولا ما يلحقك بأهل الخسة والدناءة، ويحتمل أن يكون المراد جعل الاقتصاد لباسا لنفسه يعني مقتصد في كل أموره، والتواضع في المشي العدل بين رذيلتي المهانة والكبر (بغض ونزاهة) أي بغض له في الله أو بغض لما في أيدي الناس من متاع الدنيا ونزاهة عنه.
وفي نهج البلاغة زهد ونزاهة وهو أوضح و (الخلابة) الخديعة باللسان وهذه الصفات والعلامات قد يتداخل بعضها في بعض، ولكن تورد بعبارة أخرى، أو تذكر مفردة، ثم تذكر ثانيا مركبة مع غيرها، وهذه الخطبة من جليل خطبه وبليغ وصفه فعلت بهمام ما فعلت وقد أوردها صاحب نهج البلاغة باختلافات كثيرة في ألفاظه، وفي آخره: فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها يعني مات منها.
قول السائل (فما بالك) أي لم تقع مغشيا عليك؟ أو ذكرت له ذلك مع خوفك عليه الموت، فأجابه عليه السلام بالإشارة إلى السبب البعيد وهو الأجل المحكوم به القضاء الإلهي وهو جواب مقنع للسامع مع أنه حق وصدق.
وأما السبب القريب للفرق بينه وبين همام ونحوه فقوة نفسه القدسية على قبول الواردات الإلهية وتعوده بها وبلوغ رياضته حد السكينة عند ورود أكثرها وضعف نفس همام عما ورد عليه من خوف الله ورجائه، وأيضا فإنه عليه السلام كان متصفا بهذه الصفات لم يفقدها حتى يتحسر على فقدها. قيل ولم يجب عليه السلام بمثل هذا الجواب لاستلزامه تفضيل نفسه أو لقصور فهم السائل ونهيه له عن مثل هذا السؤال والتنفير عنه بكونه من نفثات الشيطان لوضعه له في غير موضعه وهو من