نور البراهين - السيد نعمة الله الجزائري - ج ٢ - الصفحة ٥٧
وقال: وما كان ربك نسيا 1) (1) فمرة يخبر أنه ينسى، ومرة يخبر أنه لا ينسى، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين.
قال: هات ما شككت فيه أيضا، قال: وأجد الله يقول: يوم يقوم الروح والملائكة صفا 2) لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا (2) وقال واستنطقوا فقالوا والله ربنا ما كنا مشركين 3) (3). وقال: يوم القيمة
____________________
الثواب، وذكر ذلك لازدواج الكلام، لان النسيان لا يجوز عليه تعالى (4).
1) أي ليس ممن ينسي ويخرج عن كونه عالما لأنه عالم لذاته، وتقديره: وما نسيك يا محمد وان أخر الوحي عنك. وقيل: ما كان ربك ناسيا لاحد حتى لا يبعثه يوم القيامة (5).
وعلى هذا فما توهمه من التعارض بين هذه الآيات مندفع.
2) أي: يوم القيامة يقوم الروح، وهو ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل.
وقوله (صفا) أي: مصطفين (لا يتكلمون الا من أذن له الرحمن) وهم المؤمنون والملائكة (وقال صوابا) أي: شهد بالتوحيد في الدنيا. وقيل: إن الكلام هنا الشفاعة، أي: لا يشفعون الا لمن أذن له الرحمن أن يشفع. وسئل الصادق عليه السلام عن هذه الآية فقال: نحن والله المأذون لهم يوم القيامة والقائلون صوابا وذلك الصواب حمد ربنا والصلاة على نبينا والشفاعة لشيعتنا فلا يردنا ربنا (6).
3) الآية في سورة الأنعام هكذا: (ثم لم تكن فتنتهم الا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين).
قال أمين الاسلام طاب ثراه: الفتنة الكفر، والمعنى لم يكن عاقبة كفرهم على حذف المضاف، الا أنهم تبرؤا في الآخرة من الشرك لما سئلوا أين شركاؤكم

(١) مريم: ٦٤.
(2) النبأ: 38.
(3) الانعام: 23.
(4) مجمع البيان 3: 48.
(5) مجمع البيان 3: 521.
(6) مجمع البيان 5: 427.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست