وسألت بعض أهل التوحيد والمعرفة عن الدليل على حدث الأجسام، فقال: الدليل على حدث الأجسام أنها لا تخلو في وجودها من كون وجودها مضمن بوجوده، والكون هو المحاذاة في مكان دون مكان، ومتى وجد الجسم في محاذاة دون محاذاة مع جواز وجوده في محاذاة أخرى علم أنه لم يكن في تلك المحاذاة المخصوصة إلا لمعنى، وذلك المعنى محدث، فالجسم إذا محدث إذ لا ينفك من المحدث ولا يتقدمه.
ومن الدليل على أن الله تبارك وتعالى ليس بجسم أنه لا جسم إلا وله شبه إما موجود أو موهوم، وماله شبه من جهة من الجهات فمحدث بما دل على حدوث الأجسام، فلما كان الله عز وجل قديما ثبت أنه ليس بجسم. وشئ آخر: وهو أن قول القائل جسم سمة في حقيقة اللغة لما كان طويلا عريضا ذا أجزاء وأبعاض محتملا للزيادة فإن كان القائل يقول: إن الله عز وجل جسم، يحقق هذا القول ويوفيه معناه لزمه أن يثبته سبحانه بجميع هذه الحقائق والصفات، ولزمه أن يكون حادثا بما به يثبت حدوث الأجسام أو تكون الأجسام قديمة، وإن لم يرجع منه إلا إلى التسمية فقط كان واضعا للاسم في غير موضعه، وكان كمن سمى الله عز وجل إنسانا ولحما ودما، ثم لم يثبت معناها وجعل خلافه إيانا على الاسم دون المعنى، وأسماء الله تبارك وتعالى لا تؤخذ إلا عنه أو عن رسول الله صلى الله عليه وآله أو عن الأئمة الهداة عليهم السلام.
____________________
فيه: أن تلك الأجسام يجوز عليها ضم شئ إليها وقطع شئ منها، وجواز