والحركة والسكون ولم أنكرتم أن يكون قد خلا فيما لم يزل من ذلك؟ فلا يدل ذلك على حدوثه. قيل له: لو جاز أن يكون قد خلا فيما مضى من الاجتماع والافتراق والحركة والسكون لجاز أن يخلو منها الان ونحن نشاهده، فلما لم يجز أن يوجد أجسام غير مجتمعة ولا مفترقة علمنا أنها لم تخل فيما مضى.
فان قال: ولم أنكرتم أن يكون قد خلا من ذلك فيما مضى وإن كان لا يجوز أن يخلو الان منه؟ قيل له: إن الأزمنة والأمكنة لا تؤثران في هذا الباب، ألا ترى لو كان قائل قال: كنت أخلو من ذلك عام أول أو منذ عشرين سنة وإن ذلك سيمكنني بعد هذا الوقت أو يمكنني بالشام دون العراق أو بالعراق دون الحجاز لكان عند أهل العقل مخبلا جاهلا، والمصدق له جاهل، فعلمنا أن الأزمنة والأمكنة لا تؤثران في ذلك، وإذا لم يكن لها حكم ولا تأثير في هذا الباب فواجب أن يكون حكم الجسم فيما مضى وفيما يستقبل حكمه الان، وإذا كان لا يجوز أن يخلو الجسم في هذا الوقت من الاجتماع والافتراق والحركة والسكون علمنا أنه لم يخل من ذلك قط، وأنه لو خلا من ذلك فيما مضى كان لا ينكر أن يبقى على ما كان عليه إلى هذا الوقت، فكان لو أخبرنا مخبر عن بعض البلدان الغائبة أن فيها أجساما غير مجتمعة ولا مفترقة ولا متحركة ولا ساكنة أن نشك في ذلك ولا نأمن أن يكون صادقا، وفي بطلان ذلك دليل على بطلان هذا القول، وأيضا فإن من أثبت الأجسام غير مجتمعة ولا مفترقة فقد أثبتها غير متقاربة بعضها عن بعض، ولا متباعدة بعضها عن بعض، وهذه صفة لا تعقل لان الجسمين لابد من أن يكون بينهما مسافة وبعد، أو