وإذا علمنا أن (العلويين والشيعة) عامة كانوا من أهم عوامل ظهور (الدولة العباسية) وانحلال الحكم الأموي عرفنا كم كانت (الشيعة) تعاني من هذا السلوك في ظلال الحكم العباسي، وكم كان يخالجهم الشعور بالندم على إسناد الحكم العباسي، وتدعيمه والاغترار بعهودهم، ولم يجد الشيعة أي مبرر لمثل هذا الضغط والعنف في السلوك من قبل الجهاز الحاكم.
وهذا ما حدى بهم إلى التفكير في الاستقلال عن حكومة بغداد العباسية ولكن قوة الحكم العباسي وامتداد سيطرتهم إلى أطراف البلاد كان يمنع (الشيعة) عن القيام بأية محاولة للانفصال والاستقلال، حتى إذا ظهر الضعف في جهاز الحكم العباسي، وضعفت سيطرته على البلاد ظهر الانحلال في الحكم العباسي، وانفصل كثير من البلدان عن الحكومة (الأم) في (بغداد) وكان أصلح الأقطار الإسلامية للاستقلال والانفصال عن الحكم العباسي هو (إيران) و (الأندلس) و (أفريقيا):
أما (الأندلس) فقد انفصلت من الحكم العباسي منذ بدء تأسيسه حيث فر إليها (عبد الرحمن بن معاوية بن هشام)، وواليها من بعد عبد الرحمن بن يوسف الفهري، وبقي فيها عاما يخطب للسفاح حتى إذا استقام به الأمر ولحقه أهله من بني أمية استقل في الحكم، وألغى ذكر بني العباس في الخطبة (1)، فكان ذلك سنة 138 ه.
وبقيت (الأندلس) تحت حكم الأمويين إلى سنة 422 ه.
أما في (إيران) و (أفريقيا) فكان طابع النشاط السياسي هو التشيع واستطاعت (الشيعة) في هذين القطرين بشكل خاص أن يقوموا بوجوه مختلفة من النشاط السياسي، ويظهروا انفصالهم عن بغداد، وحتى .