اختلف المفسرون في معناه فقيل: السكر: الخمر، والرزق الحسن: التمر والزبيب والدبس والسيلان والخل، وقيل: " سكرا " مفعول " تتخذون " على جهة الاستفهام وعامل " رزقا " مقدر، والتقدير: تتخذون منه سكرا وقد رزقناكم منه رزقا حسنا؟
فيكون فيه جمع بين المعاتبة والمنة، ولذلك أسند الاتخاذ إليهم، وقيل: السكر:
الخل، والرزق الحسن: ما هو خير منه، وقيل: السكر: كل ما حرم الله من ثمارها خمرا كان أو غيره كالنبيذ والفقاع وما أشبههما، والرزق الحسن: ما أحله الله من ثمارهما وقيل: السكر: ما يشبع ويسد الجوع.
وقال علي بن إبراهيم: السكر: الخل، وروي عن الصادق عليه السلام أنها نزلت قبل آية التحريم فنسخت بها (1).
وفيه دلالة على أن المراد به الخمر، وقد جاء بالمعنيين جميعا، قيل: وعلى إرادة الخمر لا يستلزم حلها في وقت لجواز أن يكون عتابا ومنة قبل بيان تحريمها، ومعنى النسخ نسخ السكوت عن التحريم، فلا ينافي ما جاء في أنها لم تكن حلالا قط، وفي مقابلتها بالرزق الحسن تنبيه على قبحها " إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون " أي يستعملون عقولهم بالنظر والتأمل في الآيات.
" ورزقكم من الطيبات " قال البيضاوي: أي من اللذائذ والحلالات، و " من " للتبعيض فان المرزوق في الدنيا أنموذج منها " أفبالباطل يؤمنون " وهو أن الأصنام ينفعهم، أو أن من الطيبات ما يحرم عليهم كالسوائب والبحائر " وبنعمة الله يكفرون " حيث أضافوا نعمه إلى الأصنام أو حرموا ما أحل الله لهم " فكلوا مما رزقكم الله " قال: أمرهم بأكل ما أحل الله لهم وشكر ما أنعم عليهم بعد ما زجرهم عن الكفر وهددهم عليه ثم عدد عليهم محرماته ليعلم أن ما عداها حل لهم، ثم أكد ذلك بالنهي عن التحريم والتحليل بأهوائهم فقال: " ولا تقولوا لما تصف به ألسنتكم " كما قالوا: " ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا " الآية، وسياق الكلام وتصدير الجملة بأنما يفيد حصر المحرمات