أحكام: الأول تدل الآيات منطوقا ومفهوما على إباحة الصيد والمصيد في الجملة، وادعوا عليها إجماع الأمة، والروايات في ذلك مستفيضة من طرق الخاصة والعامة، واستثنى منها صيد البر في حال الاحرام، على التفصيل المتقدم في كتاب الحج، وظاهر الأصحاب أن صيد اللهو فعله حرام، لكن الظاهر أن مصيده لا يكون حراما لان حرمة الفعل لا يستلزم تحريمه، بل يمكن المناقشة في تحريم الفعل أيضا، لأن عدم قصر الصلاة والصوم لا يستلزم التحريم، لكن الظاهر أنه لا خلاف بينهم فيه، وفي بعض الروايات إشعار به.
الثاني: ظاهر الآية اشتراط كون الجارح كلبا كما عرفت، قال الشهيد الثاني رحمه الله: الاصطياد يطلق على معنيين:
أحدهما إثبات اليد على الحيوان الوحشي بالأصالة المحلل المزيل لامتناعه بآلة الاصطياد اللغوي وإن بقي بعد ذلك على الحياة وأمكن تذكيته بالذبح.
والثاني: عقره المزهق لروحه بآلة الصيد على وجه يحل اكله، فالصيد بالمعنى الأول جائز اجماعا بكل آلة يتوصل بها إليه من كلب وسبع وجارح وغيرها وإنما الكلام في الاصطياد بالمعنى الثاني والاجماع واقع أيضا على تحققه بالكلب المعلم من جملة الحيوان بمعنى ما أخذه وجرحه وأدركه صاحبه ميتا أو في حركة المذبوح يحل أكله، ويقوم إرسال الصائد وجرح الكلب في أي موضع كان مكان الذبح في المقدور عليه، واختلفوا في غيره من جوارح الطير والسباع فالمشهور بين الأصحاب بل ادعى عليه المرتضى إجماعهم على عدم وقوعه بها للآية، فان الجوارح وإن كانت عامة إلا أن الحال في قوله: " مكلبين " الواقع من ضمير " علمتم خصص الجوارح بالكلاب فان المكلب مؤدب الكلاب لأجل الصيد، وذهب الحسن بن أبي عقيل إلى حل صيد ما أشبه الكلب من الفهد والنمر وغيرهما لعموم الجوارح، ولورود أخبار صحيحة وغيرها بأن الفهد كالكلب في ذلك، واختلف تأويل الشيخ لها فتارة خصها بموردها، وجوز صيد الفهد كالكلب محتجا بأن الفهد يسمى كلبا في اللغة، وتارة حملها على التقية، وثالثة على حال الضرورة، ووردت أخبار بحل صيد