الثالث عن ذكر الأحوال لما ظن أنه لا يمكن فيه ما أمكن في الأول والثاني، و هذا ممكن غير ممتنع بأن يحمل الشرط الأول على الماضي، والثاني على الحال والثالث على المنتظر المستقبل، ومتى قيل: إن المتكلمين عندهم لا واسطة بين الماضي والمستقبل، فان الفعل إما أن يكون موجودا فيكون ماضيا، وإما أن يكون معدوما فيكون مستقبلا، وإنما ذكر الأحوال الثلاث النحويون، فجوابه أن الصحيح أنه لا واسطة في الوجود (1) كما ذكرت غير أن الموجود في أقرب الزمان لا يمتنع أن نسميه حالا، ونفرق بينه وبين الغابر السالف والغابر المنتظر انتهى. (2) وقال بعض المحققين: للايمان درجات ومنازل كما دلت عليه الأخبار الكثيرة وأوائل درجات الايمان تصديقات مشوبة بالشكوك والشبه على اختلاف مراتبها ويمكن معها الشرك " وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " (3) وعنها يعبر بالاسلام في الأكثر " قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم " (4) وأواسطها تصديقات لا يشوبها شك ولا شبهة " الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا " (5) وأكثر إطلاق الايمان عليها خاصة " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون " (6).
وأواخرها تصديقات كذلك مع كشف وشهود وذوق وعيان ومحبة كاملة لله سبحانه وشوق تام إلى حضرته المقدسة " يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من