الربيع، والأنثى تحمل سنتين، فإذا حملت لا يقربها الذكر ولا يمسها ولا ينزو عليها إذا وضعت إلا بعد ثلاث سنين، وقال عبد اللطيف البغدادي: إنها تحمل سبع سنين ولا ينزو إلا على فيلة واحدة، وله عليها خيرة شديدة، وإذا تم حملها وأرادت الوضع دخلت النهر حتى تضع ولدها لأنها تلد وهي قائمة (1) ولا فواصل لقوائمها، والذكر عند ذلك يحرسها وولدها من الحيات، ويقال الفيل يحقد كالجمل فربما قتل سائسه حقدا عليه.
تزعم الهند أن لسان الفيل مقلوب، ولولا ذلك لتكلم، ويعظم ناباه وربما بلغ الواحد منهما مائة من، وخرطومه من غضروف، وهو أنفه ويده التي يوصل بها الطعام والشراب إلى فيه ويقاتل بها، ويصيح وليس صياحه على مقدار جثته وإنه كصياح الصبي، وله فيه من القوة بحيث يقلع به الشجر من منابتها، وفيه من الفهم ما يقبل به التأديب ويفعل ما يأمره به سائسه من السجود للملوك وغير ذلك من الخير والشر في حالتي السلم والحرب، وفيه من الأخلاق أنه يقاتل بعضه بعضا، والمقهور منهما يخضع للقاهر، والهند تعظمه لما اشتمل عليه من الخصال المحمودة من علو سمكه وعظم صورته وبديع منظره وطول خرطومه وسعة اذنه (2) وطول عمره وثقل حمله وخفة وطئه، فإنه ربما مر بالانسان فلا يشعر به من حسن خطوه واستقامته.
ولطول عمره حكى أرسطو أن فيلا ظهر أن عمره أربعمائة سنة، واعتبر ذلك بالوسم وبينه وبين السنور عداوة طبيعية حتى أن الفيل يهرب منه، كما أن السبع يهرب من الديك الأبيض، وكما أن العقرب متى أبصرت الوزغة ماتت.
وفي الحلية في ترجمة أبي عبد الله القلانسي أنه ركب البحر في بعض سياحاته فعصفت عليهم الريح فتضرع أهل السفينة إلى الله تعالى ونذروا النذور إن نجاهم الله تعالى، فألحوا على أبي عبد الله في النذر فأجرى الله على لسانه أن قال: إن خلصني الله