أبي هاشم عن سالم بن مكرم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام مع أصحابه في طريق مكة فمر به ثعلب وهم يتغدون فقال علي بن الحسين عليه السلام لهم: هل لكم أن تعطوني موثقا من الله لا تهيجون هذا الثعلب حتى أدعوه فيجئ إلينا؟ فحلفوا له فقال: يا ثعلب تعال - أو قال: ائتنا - فجاء الثعلب حتى وقع بين يديه فطرح إليه عراقا (1) فولى به ليأكله، فقال لهم: هل لكم أن تعطوني موثقا من الله وأدعوه أيضا فيجئ؟ فأعطوه، فدعا فجاء فكلح رجل منهم في وجهه فخرج يعدو؟ فقال علي بن الحسين عليه السلام: من الذي خفر (2) ذمتي؟ فقال رجل منهم:
يا بن رسول الله أنا كلحت في وجهه ولم أدر فأستغفر الله فسكت (3).
أقول: قال الدميري: الثعلب معروف والأنثى ثعلبة والجمع ثعالب وأثعل، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله " شر السباع هذه الأثعل " يعني الثعالب.
ومن حيلته في طلب الرزق أنه يتماوت وينفخ بطنه ويرفع قوائمه حتى يظن أنه مات، فإذا قرب منه حيوان وثب عليه وصاده، وحيلته هذه لا تتم في كلب الصيد، وقيل: للثعلب مالك تعدو أكثر من الكلب؟ فقال: أعدو لنفسي والكلب يعدو لغيره.
قال الجاحظ: ومن العجب في قسمة الأرزاق أن الذئب يصيد الثعلب فيأكله والثعلب يصيد القنفذ ويأكله، والقنفذ يصيد الأفعى ويأكلها، والأفعى تصيد العصفور وتأكله، والعصفور يصيد الجراد ويأكله، والجراد يلتمس فراخ الزنابير ويأكلها، والزنبور يصيد النحلة، والنحلة يصيد الذبابة ويأكلها، والذبابة تصيد البعوضة وتأكلها، والعنكبوت يصيد الذبابة (4) ويأكلها، والذئب يطلب أولاد الثعلب، فإذا ولد